جديد الموقع : موجز عن صاحب الموقع  «»   عدنا…و العود أحمد  «»   مهمة في الاطلس المتوسط  «»   معادن الأرواح  «»   البطن الرخو..  «»   خطيئة النون  «»   كتمان  «»   أشواق شامية  «»   الكتاب  «»   شكوى  «»   المزامير  «»   وشاح  «»   حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)  «»   حكايا العشيات2  «»   حكايا العشيات1  «»   ما لي بمدح المحدَثين يدان  «»   نكزة و تدوينة  «»   ناجي و نخبة موريتانيا و الضاد في صالون الولى  «»   حق الإقامة  «»   أنتِ والزنابق  «»   De La Chaudière  «»   الخطيئة  «»   رشة عطر  «»   إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها  «»   بيان من جمعية الضاد  «»   نحن و الزمن  «»   بيان عن اليوم العالمي للعربية  «»   بيان حول اليوم العالمي للعربية  «»   الصمت خيانة  «»   قنينة نفد الراح من خصرها  «»  

يوليو 27
0

                   

                            الدولة رخام وخضر                          

الدولة لغةً:

دال الزمانُ دولةً دارَ وانقلبَ من حالٍ إلى حال، يقال: دالتْ دولتُه أيْ زالتْ، ودالت له الدولة أي صارتْ إليه. ومنها داول الله الايام بين الناس مداولة أي صرَّفها بينهم  لهؤلاء مرة واولئك أخرى ،وهي مصدرٌ جَمعُهُ دول بكسر الدال وضمها، وتطلق على المال والغلبة و البلاد.

الدولة اصطلاحاً:

هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد يمارس عليه  السلطة بمنظومة من المؤسسات الدائمة .و العناصرُ الأساسية للدولة: الحكومة والشعب والإقليم، وممارسة السيادة  على الأرض و الاعتراف الدولي الذي يعطيها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها.

الفشـل لُغةً: الخيبة في المسعى والتدبيرِ و عدم النجاح في المهمة

___________________________

قُيِّض لي أن أشهد نموذجين نقيضي بعضهما البعض ، من تجارب دول العالم الثالث في بناء ونماء وتدبير وتسيير شؤون الدولة، تعرفتُ عليهما، رغم شساعة المسافات الفاصلة بينهما ، موقعاً و موقفا شكلا و مضمونا ،بفارق زمني قدره شهران ،مما جعل المفارقة صادمة ومروعة في وجهٍ ؛ومبشرة ورائعة في وجهٍ آخر…وسأقص عليكم من نبأ الأولى:

لمنظومة الأمم المتحدة بحكم أمميتها، حركة دؤوبة تثبتُ بها هويتها بين الدول الأعضاء ،إلى حد انها أضحت وكالة أسفار وتحضير وعقد مؤتمرات في كل مكان من العالم ..تختصم الدول وتتعارك اللوبيات لتجييرها لصالح هذا البلد أو ذاك.. باستثناء من لا يرغب ولا يتصور مردودية سياحة واقتصاد الاجتماعات و ما توفره من سيولة وشغل موسمي، و تشغيل وإشغال المرافق السياحية والخدمية للبلدان التي تعرف المردودية وتحلب  دَرَّ المنظمات وتعرف من أين تؤكل كتفها، ومنها المحروسة “بلاد المور”..

من ذلك أن جمهورية الزائير (العظمى )نجحت بواسطة لوبي كفاءاتها المنتشر في هيئة اليونسكو ،في أن تستضيف(كنشاسا)  مؤتمر الأمناء العامين لليونسكو بإفريقيا أي ما يربو على خمسين وفدا فضلا عن ممثلي القارات الأربع الأخرى وطاقم اليونسكو بمديرها العام ومساعديهه، وعلى طريقتها عممت المنظمة الدعوة على الأعضاء متضمنة، كما هو إجرائي، أسلوب وطرائق السفر و عملية إبلاغ السلطات المضيفة بالرزنامة المتضمنة تشكيلة وفد الدولة و التأشيرات وتوقيت الوصول لتأمين الاستقبال وحجز أماكن الاقامة و النقل والتوديع وما شاكل ..

وكانت جمهورية الزائير،دولة” الكونغو ليوبولد فيل” وزعيمها المناضل المغدور باتريس لوممبا،حلما ثوريا رومانسيا لأجيال اليسار الافريقي ، والعبد الضعيف من أواخرهم، فقد قرأت عن تلك المرحلة التي لم أعايشها لكن الخيال الجامح والطفولة اليسارية تكفلت بإلهاب المشاعر، لكنه بقدر ذيوع النموذج الاول فإن استيلاء المارشال  “جوزيف ديزيرى موبوتو”على السلطة في انقلاب قَتَلَ فيه الزعيم باتريس،قد شكل فاجعة محزنة في الذاكرة الإفريقية المليئة بمثيلاتها ،وما صاحب ذلك من تغيرات غرائبية عجائبية سَمَّاها العسكري الانقلابي نظرية”ثورة الاصالة الافريقية” بها تمت أفرقة أسماء الاماكن والاشخاص وكل ما يلهج به اللسان الكونغولي، وجاءت أفرقة الملابس وتجريم لُبس الغربي منها ولاسيما البذلة الكاملة، لتضفي مسحة من الخفة في ذروتها اسم المارشال الذي أصبح مع لقبه الرسمي: المواطن المؤسس للحركة من أجل الثورة ماريشال القوات المسلحة الزائيرية قائد فيلق كامانيولا( موبوتو سيسي سيكو كوكو وازابانغا) ومعناه” الرجل القوي والديك لم يترك دجاجة إلا باضت و احتضن بيضها “و العهدة على المترجم…ولأن هذه الدولة تعتبر المصدر الاول للنحاس في العالم فضلا عن عشرات الثروات الاخرى وآلاف المصادر المائية على أكبر مساحة جغرافية في جنوب و وسط القارة فقد غض العالم النظر عن كل هذا الجنون واهتم بتلبية رغبات المارشال الافريقي الاصيل فانشأ “الزايات”الثلاث الدولة زائير والعملة زائير وأشهر أنهار وسط افريقيا “الكونغو” أصبح الجزء المار منه بدولته يسمى زائيـر، ولما كانت الثروة مؤاتية تحددت قيمة الزائير الواحد باربعة دولارات ،وبنىت أكبر ناطحة سحاب ، آنذاك ،في المنطقة وحضر افتتاحها عشرات القادة والزعماء وسميت المركز العالمي للتجارة الدولية، وبات منظر بذلة (الآباكوس) ذات المنديل المتماثل، وطربوش النمر المبقع  (شعار الدولة)  جزءً أساسيا من الشكل الافريقي المميز الباعث على التعجب والسخرية ؛لكن منظر طائرات الزائير العملاقة تجوب العالم مرة كخطوط جوية وتارة كطائرة خاصة لصاحب القبعة النمرية المبقعة ،كان مثيرا لشهية الغرب في الاستثمار وللافريقي البائس في الشعور بالزهو.

تلكم كانت ثقافتي و معلوماتي كقارئ نهِمٍ لمجلة جون آفريك، وغيرها من الدوريات الافريقية الصادرة من فرنسا، لتأتي الفرصة سانحة مانحة لزيارة مريحة رسمية إلى دولة المارشال النمرالمبقع، وبمعرفة وزارة الخارجية الموريتانية،تم التواصل مع السفير الزائيري المقيم بنواكشوط ، الذي كان شخصية ملونة بألوان الطيف ، تسبقه سمعة تزكم الأنوف تبدأ  بالمتاجرة بالممنوعات ولا تنتهي بالعقارات ، والحفلات الماجنة المعوضة ، أو هكذا كان ذيوع الأمر في الصالونات والصحافة، وهو،كما يجب أن يكون برتبة جنرال، جدير بتمثيل بلاده، ولقبه الرسمي: سعادة السفير اللواء أركان حرب مالو مالو السفير فوق العادة وكامل السلطة لجمهورية الزائير لدى بلادنا، وقد تمنى على الخارجية أن يودعني بشاي أشربه معه في مكتبه ففعلتُ واستقبلني بكامل هندامه الثوري ولباقته الدبلوماسية وفق أصول الأتيكت وبحرص مبالغ فيه ، وكان متحدثا لبقا بفرنسية جيدة فسر لي سبب جودتها بأنه من أطفال “الآباء البيض” ، وقد قام باستعراض محبوك لتقديم كناش التوقيع وجيئ بخاتم الزايات ودمغت التأشيرة الدبلوماسية، ووقعها بحرفية وعلانية أمامي ، بقلم حبر باذخ من طراز مونبلان سنه من ذهب، وللحقيقة فإن توقيعه في غاية الأناقة وجودة الخط (انظر صورة التأشيرة فوق) وقال و هو يودعني :لقد كلمتُ معالي الوزير الزائري، وهو مسرور لحضوركم المؤتمر، فشكرت سعادته على لطفه فلستُ وزيرا، ويكفي أن يستقبلني زميلي الأمين العام للجنة اليونسكو بالزائير الذي كان زارني في نواكشوط منذ سنة خلتْ، لأكتشف أنه (خرج من اللعبة) وأن الوزير يتولى مهمته…

ولكي أصل في أسرع وقت إلى الزائير من نواكشوط اتجهت شمالا إلى باريس ومنه في رحلة بدون توقف الى كنشاسا، وكنت طلبتُ من سفارتنا بباريس إبلاغ سفارتنا بزائير برقم رحلتي، فأبلغوني بأن مركزية الإتصال اللاسلكي في الزائير قد احترقت منذ شهر وأن الإتصال يتم بواسطة الموجات الراديوية مع الرئاسة التي تملك هواتف محمولة خاصة بها وبقية الدولة مقطوعة عن العالم وفيما بينها، وبعبقرية الموريتانيين تم إبلاغ قنصلنا في برازافيل بالموعد وبعث موظفا اجتاز النهر الفاصل بين العاصمتين ليبلغ المعلومات إلى زملائه في سفارتنا بكنشاسا التي وجدتُ طاقمها في انتظاري في مطار كنشاسا الدولي، ومنه إلى فندق انتركونتنتال الفخم الذي يعتبر جزيرة من البحبوحة في محيط من التخلف في كل مناحي الحياة مجهز بكهربائه و مائه وحراساته و شبكة اتصالاته ،وذلك حال السفارات الكبيرة، وقد أخبروني أنه لم يصلهم خبر قدومي إلا بالطريقة اعلاهُ، وان المواصلات مقطوعة مع العالم منذ شهر أو يزيد..

 

يتواصل…

                           

الرجاء الاتصال بنا لحجز هذه المساحة للإعلانات

شاهد مواضيع أخرى لـ

التعليقات مغلقة.