- ناجي محمد الإمام
- تأملات وأفكار
- الزيارات :
إلي يوم الإنقلاب الأول 10 يوليو1978 كانت الساحة السياسية واضحة المعالم تعج بالصراع الفكري الحضاري الساخن لكنه رصين سلمي يعتمد أسلوب الإقناع بتأييد الحجة وتفنيد الأخرى دون شخصنة أو تشنج ، وكانت تسمية القبيلة معرَّة تخرج قائلها من المجلس: الشيوعي[وإن لم يعلنها] يدعو الى الإشتراكية بالنموذج الصيني أو الكوري أو السوفياتي أو الألباني ، والقومي يدعو إلى الوحدة والإشتراكية والحرية حسب التسلسل الذي يستعجل إنجازه من أهداف الثورة العربية والنكرومي أو اللوممبي يدعو إلى الإنعتاق الإفريقي و الوحدة القارية .. وبعد سلسلة الإنقلابات التي أصبحت صناعة وطنية بامتياز ، استمر نضال العروبيين ودخلوا السجون وتعرضوا لشتى أنواع التنكيل والعذاب أحيانا حتى الموت،من أجل ما يؤمنون به، وبرزت الحركة الإسلامية داعية لرؤيتها ونالت نصيبا وافراً من التنكيل ، وكذا القوميون الأفارقة ،كل حسب فكره وأهدافه ومشروعه الذي يعتبره الأصلح للمجتع الموريتاني، وذلك حقه المطلق .. وكم كنا نتمنى أن يكون الشعب الموريتاني القاضي والحكم بين أطروحاتنا ولْيحكم من استحوذ على مرضاة الجماهير، حسب التفويض الشعبي الممنوح له، ولينتظر المهزوم دوره القادم ليخطب وُدَّ الناس و يرتب أولوياته بالتجريب والممارسة،ويتتلمذ في صفوف التعددية على قبول الآخر…
وبعد مخاضات عسيرة وإجهاضات مؤلمة جاء المولود الذى طالما انتظرناه أشوَهَ أدْرَدَ أنكرَ أعمَى أخرسَ مصاباً بداء “البلعمة” يأكل بسبعة أمعاء، وإذا ازدرد أسهلَ فملأ الرحب نتنا و عثيرة ، فشتَّتَ الجموع وأجدب الربوع وأحلَّ محلَّ الليث اليربوع ، ونفى ملةَ المروءات وأحل الربا في البيوع، فأصبح الأمر إمراَ ، والعام دهراَ، والخيار قهراً، والعُريُ ستراً، ونطق الساكت كفراً، وانتبه منا الساهي على أم الدواهي، فالإختراع الذي استغللنا أعراضه لا تستقيم معنا أغراضه ، فاستشرت فينا أمراضه,
وغابت مقاييس الإختيار و معايير الأفكار، فديمقراطية الأغنياء تمويل وصرف وتحويل ،رقص و تطبيل ، ترحيب و “تهليل”و سهر طويل …
فلا شعار ولا برنامج ولا مشاريع لأن القادر على تمويل حملته عاجز في مدركاته ، وحامل الأفكار مملق محتار في ويلاته…لذ لكم استنفد المترشحون أثاثنا و شجرنا و أنعامنا …فحصلنا ـ لله الحمد ــ على بطاقة انتخاب تحمل أدوات المطبخ ومنتجات المسلخ و أمهات الغابة ،ومن لجأ إلى المقدس المشترك ارتكب إثماَ وفي قولٍ “إرْتدَّ” لأنه أوفد مبعوثين أو ادَّعَى ما لا يليق….
عزاءَنا للفكر…وعزاؤُنا لُطْفٌ خفيٌّ من ذي الألطاف الذي لا تخفى عليه خافية!!