- ناجي محمد الإمام
- تأملات وأفكار
- الزيارات :
بين الصعود و السقوط
للكاتب الرائع في السياسة و الأدب و الفكر الوزير محمد ولدامين جُمل يلخص بها مواقف و حالات متشعبة بأسلوب شائق ، تمثِّلُ إحدى بصماته الفارقة ؛ وقفتُ أمام الأخيرة منها بإعجاب : “من المؤسف جدا ان يرى المرء نهاية مسرحية لرج…ل عظيم !بوتفليقة يستحق نهاية اقل صخبا وأقل ضجيجا !” فذكرتني بموقف حضرته و أنا غض الأهاب في غضارة الشباب ، وما أدراك ما هيه ، مأخوذ بالرومانسية الثورية مؤمن بتغيير وشيك سيعم العالم يملأ الأرض عدلا و عنبا و أبا وحدائق غلبا وخبزا و عسلاً وحُباًّ ، و من غرائب الصدف أن يتعلق الأمر برمز آخر من أهم رموز الثورة الجزائرية المجيدة … و بطله الباحث المدقق و الكاتب الموثق والمثقف الرائع مؤسس المعهد الوطني للبحث العلمي الاستاذ عبد الله ولد بابكر حفظه الله ..وهاكم الحكاية : كان عام 1976 عام اكتمال دمج الشباب الثوري المعارض القومي واليساري في الحزب الشعب الحاكم و انطلاق مشاريعه التنموية ، و لكنه ـ أكثر من ذلك ـ كان العام الاول للحرب ضد البوليساريو ،و سنة القطيعة العجفاء مع معسكر اليسار العالمثالثي الذي كانت تقوده قاطرة الجزائر و ربانها المهيب الساجم في قمرة القيادة ببرنسه و شنبه الأسودين و سيجاره الكوبي الفاخر و قامته الفارعة و جاذبيته الغامضة وهيلمانه المرعب و ثروته الطائلة المجمدة و السائلة ، عنيتُ المرحوم هواري بو مدين ، ويساعده شاب بهي الطلعة بشوش المحيا قصير القامة بنصف سيده أو أدني، ذو لمة أشبه بتسريحات الهيبيين أنيق الملبس خبير بمرابع الليل و عالم الموضة وقضايا التحرر الوطني إنه عبدالعزيز بوتفليقة أو “بوتف” عند الاصدقاء… في تلك السنة ، إمعانا في نكز بومدين ،وجهت موريتانيا دعوة رسمية إلى الشاعر الجزائري الأفخم و الثوري القيادي في جبهة التحرير مبدع نشيد الجزائر الأبهى “قسماً” و إلياذتها الخالدة ، مفدي زكريا رحمه الله، الذي كان يقيم في المغرب معارضا مخمليا في ضيافة المرحوم الملك الحسن الثاني، لزيارة بلاد المليون شاعر، وأقيمت له ندوات و موائد كان على قمتها حفل عشاء برئاسة الجمهورية أنشد فيه أبياتا من “أردَءِ” شعره … وختمت الزيارة بنقاش أدبي وفكري مع بعض الكفاءات الحزبية و الأدبية الموريتانية ، تكلم في بدايته أحد دهاقنة ذلك العهد بما لا يعرف وأفسح المجال أمام الشاعر الخالد الذي استهل حديثه المثقل بالتاريخ عن ذكرياته في حرب التحرير و عرّج على رفيقه بومدين فقال فيه ما لا يناسب الإثنين و ثالثهما التاريخ.. وقرأ شعرا عن التحرير و جبهته وختم بمطولة مديحية في الملك الحسن الثاني … ثم توالت أسئلة مُعَدَّة مسبقا بلغة خشبية ركيكة ، إلى أن تدخَّل الاستاذ عبد الله و كان مديرا عاما للمعهد الموريتاني للبحث العلمي سائلا ضيف موريتانيا المبجـــــل، فقال ما معناه: “ألا ترى أنه كان من الأفضل لرمز ثوري أدبي مثلك أن يودع العالم قبل أن يصل إلى هذا المستوى حفاظا على تاريخ كان ناصعا ونموذجيا و جديرا بالخلود”.
إنتهى الإستشهاد…
إنتهى الإستشهاد…
شاهد مواضيع أخرى لـ ناجي محمد الإمام