جديد الموقع : موجز عن صاحب الموقع  «»   عدنا…و العود أحمد  «»   مهمة في الاطلس المتوسط  «»   معادن الأرواح  «»   البطن الرخو..  «»   خطيئة النون  «»   كتمان  «»   أشواق شامية  «»   الكتاب  «»   شكوى  «»   المزامير  «»   وشاح  «»   حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)  «»   حكايا العشيات2  «»   حكايا العشيات1  «»   ما لي بمدح المحدَثين يدان  «»   نكزة و تدوينة  «»   ناجي و نخبة موريتانيا و الضاد في صالون الولى  «»   حق الإقامة  «»   أنتِ والزنابق  «»   De La Chaudière  «»   الخطيئة  «»   رشة عطر  «»   إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها  «»   بيان من جمعية الضاد  «»   نحن و الزمن  «»   بيان عن اليوم العالمي للعربية  «»   بيان حول اليوم العالمي للعربية  «»   الصمت خيانة  «»   قنينة نفد الراح من خصرها  «»  

ديسمبر 07
0

 

كان الحديث عن اعتراف المغرب بموريتانيا ولقاء و لد داده بالحسن الثاني الموضوع الاول على جدول الاتاي، عند تاجر القرية الأكبر الذي هو مسؤول حزب الشعب في القرية بعد (قْطيع كرن الحزب) حسب المصطلح القائم انذاك ، وقد شهدت بموجبه تحول الثقل المعنوي من المدير الذي يوقع وثائق الدولة بما فيها (بوهات امبورو الكانتي) أي وثائق  شراء خبز الحضانة المدرسية، إلى تاجر شبه أمي ، لكنه يلبس دراريع بيضاء نقية و تفوح من داره روائح طبيخ (مارو طلاله “الأرز بزيت الفستق”) التي تداعب أنوفا لا تعرف في أغلبها إلا رائحة العيش (المُقَنِّي) و “التاديت المسخنة الطايبة” بعد أن تبلغ العتمة محلها ، لأن من أشراطها الهدوء ، فالقاعدة تقول: “العتمة بكماء”… وبذلك فالحياة الغذائية ليلية ، لأنك لا ترى قدرًا على نار، نهارا أمام خيمة ،إلا لأحد أمرين إما لضيف أو لمريض، و ما خلا ذلك فهو من خصوصيات “بعض” الأغنياء  السفهاء” أو الصلحاء المنفقين لما في الجيب على قاعدة “اليوم وليمة وغدا وَخيمَة”

لم تزد المدرسة عن فصل يتيم ينتقل سنويا بالناجح  و  الراسب إلى المستوى الأعلى مع ضمور متواصل في الأعداد بسبب التسرب من 75تلميذا يوم الافتتاح (1966) إلى عشرة تلاميذ (1969) منهم ثمانية في الحضانة المدرسية واثنان خارجها.

كانت السنة منذرة بتزايد الوعي الجديد لدى الناس فمع كل عطلة يفد طلاب من معهد أبي تلميت يحدثون بما تقشعر له أبدان الوجهاء وتنفر منه العجائز المتفقهات ، التعريب والتأميم والحرية ، ومنه مجريات ( ليلة السحاب) فقد كان أحدهم يرافق مثله الأعلى العائد من نواكشوط  المدينة الخرافية و أهلها ومستواهم الذي منه طريقته في قصة الشعر والعرف

ونعاله ودراعته و سرواله وتركيه و “مسكه” وكلها جملة من العجائب ، أما إذا وضع على عينيه النظارات ليلا فإن الوشوشات و”الاشارات ” بين البنات تصل قمة النشوة…

 ما إن بدأت فاطمة على”ربينة الغليق”تنشد بصوتها الشجي ” سْرينقه بْرينقه نْقو نْقاميس” حتى “دندن الرعد”و اكفهر الأفق الشرقي و تلبدت عليه علامات “العماية” (العاصفة الهوجاء) التي تحمل ما على أديم الذراع وافطوط من رمل وطين وقش و زبل و روث، تزرع الرعب و ترتفع قبالتها و دفعا لها الأذكار و التلاوة والأدعية فتقتلع الخيام وأبواب دور الطين البسيطة وقد تقتلع أسقف الحوانيت الحديدية مما يثير رعبا مضاعفا لأنها تقطع رقاب الناس و الحيوانات كأنها صحون هوائية في أفلام الرعب…

وخلال لحظات كانت الحسناوات تشرد إلى بيوت أهلهن كقطعان المهى غب الروع.. وجاءني القدوة حيث كنتُ أنتظره عند قاعدة الربينة ‘ فلا يجوز لي بحكم القرابة والسن أن أحضر معه الهول ، أحرى الصبايا…

وجدني في حالة فَرَقٍ من الرعد و البرق و العاصفة القادمة أتمتم بما أحفظ من أدعية و أحجبة و أتوسل ببركة الوالدين، فقال لي : أتعرف  سبب البرق وكيف يحصل ؟ وكيف تتكون العاصفة؟ ولأن بضاعتي مزجاة فقد رددتُ كما علمتني هي رضي الله عنها وأرضاها عندما كنا ننحاز ــ عند اشتداد هزيم الرعد  و تخطف البرق الأبصارــ إلى حضنها الحنون قرب صناديق  “الكتب” وتبدأ  تقرأ  الأنظام  و تستشهد  بالأحكام:

الرعدُ صوتُ مَلَك السحاب ** و قدْرُهُ قُدِّرَ بالذباب

ولكن دكتور المستقبل كان يملك تفسيراً مغايرا يبرهن عليه بمعادلات وأخلاط لخبطت كيان المراهق وجعلته يغالب رُعْبَيْن ، كأن واحداً  لا يكفي لهز كيانه الطري..  ولأن التفسير الجديد  لم يتسبب  في فرقعة تعصف بالمنطقة، كما كان ذهن الغر يتوقع ، فقد غادر منطقة الرجفة و لم يصل إلى بر الهدوء إلا بعد أيام من التربية  الجدلية المكثفة التي تستأصل القار في الخلد و منه الخوف لتزرع  أشياء أخرى ستتطلب  عشرات السنين  ليعبرمنها إلى البر الممرع الخصيب…

عصفت تلك الليلة الماطرة بأثاث و أساس ما تجمع في قاع المفكرة مع لبان الأذان لمدة عقد وثلاث سنوات، ومنه ولد داداه و الحاكم ومورتان والعصر و الجيل وأشياء حميمة أخرى ومنها أهل مولاي اسماعيل  و ولد محمدي ولكن …بقيت :

هل في بكا نازح الأوطان من باس ***

                       أم هل لداء رهين الشوق من اس

لقد كان الولد ينظم على منواله غالبا وعلى خُطى جده المجاهد الشاعر في قصيدته للشريف مولاي ادريس العلوي بن مولاي اسماعيل  قائد موقعة “النيملان” ، بعض الاحيان…فما هو البديل ؟

عاد من السنغال ثلاثة من أترابه أحدهم من المتسربين ، كانوا “يتعلمون الوقوف” في الحوانيت مع أقربائهم في “سيبيسو” و”تياس” وبيكين” وهم منه أطرَى بشرة فضلا عن الملابس الجديدة ، مضافة إلى عبارات ولفية تزيد تشويقا و تساعد على كتمان الأسرار بين العصابة…فعاد الذهن المتوقد إلى الأرض البلقع فانغمس في “أشوار الظل” و “بو سوير” ومشروع رحلة للعصر عل الإبل المسروقة إلى الفرقان الأخرى،

لكن أمراً جللا تمثل في اعتقال المرجع الأعلى للقبيلة و خليفة الطريقة من طرف ول داداه ، قد قلب الدنيا ظهرا على عقب في البيت لقد كان الشيخ الورع الزاهد ابن خالة الوالدة مباشرة ويقوم لها أكثر من مقام الأخ الشقيق و قد تربينا على أنه خالنا وشيخنا وكافلنا  و الهالة التي تغمرنا بالضياء و تجعلنا نشع على الآخرين…

وانسحبت على الوالدة وأغلب القبيلة و المريدين في كافة بقاع البلاد سحابة حزن كئيب….أفضت إلى شكوك مضاعفة وأسئلة حائرة ، اقترب بعدها الإفتتاح المدرسي فإلى سنة فارقة في فهم الوطن  و الظلم و العدل و المغرب و ول داداه و الزويرات والنضال  و الطامة الكبرى : مدوا الأيدين للكادحين….

 

الرجاء الاتصال بنا لحجز هذه المساحة للإعلانات

شاهد مواضيع أخرى لـ

التعليقات مغلقة.