جديد الموقع : موجز عن صاحب الموقع  «»   عدنا…و العود أحمد  «»   مهمة في الاطلس المتوسط  «»   معادن الأرواح  «»   البطن الرخو..  «»   خطيئة النون  «»   كتمان  «»   أشواق شامية  «»   الكتاب  «»   شكوى  «»   المزامير  «»   وشاح  «»   حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)  «»   حكايا العشيات2  «»   حكايا العشيات1  «»   ما لي بمدح المحدَثين يدان  «»   نكزة و تدوينة  «»   ناجي و نخبة موريتانيا و الضاد في صالون الولى  «»   حق الإقامة  «»   أنتِ والزنابق  «»   De La Chaudière  «»   الخطيئة  «»   رشة عطر  «»   إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها  «»   بيان من جمعية الضاد  «»   نحن و الزمن  «»   بيان عن اليوم العالمي للعربية  «»   بيان حول اليوم العالمي للعربية  «»   الصمت خيانة  «»   قنينة نفد الراح من خصرها  «»  

أغسطس 09
0

كانت الصدمة بمطار “كين” كنشاسا كما يُدللها سكانها، أنه ،مع الفوارق الكثيرة بين البلدين،يذكر بمطار “توكوين”بمدينة لومي عاصمة التوغو سيئة الذكريات: نفس الحيطان الحائلة لونا ،الكئيبة هندسة ، اللقيطة  عمرانا، حيث تستقبلك الحرابي وتتلوَّن بلون الحائط والشنطة ..وقِسْ عليها بقية الأشياء …الدولة الفاشلة

على كل عامود صورة للزعيم / الديك / الفهد رئيس ومؤسس الحركة من أجل الثورة مؤسس (الزايات) :الزائير الدولة والزائير العملة والزائيرواز(النشيد الوطني) وربما أضافوا : الزائير(النهر المسمى في ضفته الأخرى الكونغو) … قطعنا المسافة بين الفندق والمطار في مدينة أشباح، قلما ترى الشمس لكثافة الأمطار الإستوائية نهارًا ، ونادرا ما ترى سطوع الكهرباء ،ليلاً، لما وصلت إليه من تدهور في جميع المجالات ،لقدتعطلتْ كل الخدمات الأساسية لمدينة كانت الأكبر والأجمل والأرقى بين مدن المنطقة، ولقياس مدى الانهيار وجدنا أن أوراق العملة “الزائير” تبدأ من مئات الآلاف إلى ورقة المليون في نموذج مُفجع من التضخم لم تصله عملة “السيدي”الغانية فترة الإنقلابات ولا الفرنك المالي أيام (ثورة) موديبو كيتا.. وكان الزائير الواحد أيام الازدهار يوازي خمس دولارات، وفي زيارة مختلسة إلى مركز التجارة الدولية الذي لم نستطع الولوج إلى داخله ..كانت ناطحة السحاب التي تعلو المدينة كعش النسر، خاوية على عروشها بدون تجارة ولا دولية (ولا من يحزنون)..إنها “طلل حداثي” عاث به الفساد فلم يعد يصلح حتى كعشوائية للمشردين، لاستحالة استغلاله بدون بطاقة و عقل ألي للتحكم كان صمم على أساسه ، فأصبح قبراً ألكترونيا يحتوى كنزاً من “دروس التنمية المدمجة والتخطيط وفق حاجة الناس وطبقا لمستواهم بالتدرج المدروس” بدل جنون العظمة وأحلام القفز فوق الواقع العلمي والفني والمالي لبلد يبيع ما في باطن أرضه خاما ليملأ بطون قادته ، وأفواه شعوبهم فاغرة وعيونهم  شاخصة إلى الخبز الحاف الذي لا يجدونه..

وقد باتتْ كينشاسا مثلاً سيئا يُرافقني أُسْقِطُه، مُذْ ذاك ، على كل تطاول في المشاريع الخرسانية في دول”المعادن”، وأظل أتساءل متى يصبحُ وَكْرًا للبوم والحرابي كمركز التجارة الدولية الزائيري ؟؟

نموذجنا في الدبلوماسية  :في الزائير كانتْ عندنا سفارة ، تضم سفيرا من “فصيلة عقيد” أمين دائم(؟) سابق لأحدى اللجان العسكرية التي حكمت بلاد “العقداء” أيام الرتب المتواضعة، والانقلابات الموسيقية الموسمية، يقيمُ في نواكشوط، ويزور الزائير مواسمَ التوقيع على الأقساط وقد يحصل أن يتم كل شيء في الوطن، يتبعه محاسب(قُدم الأهم) ومستشار أول و آخر ثانٍ، في بلاد لم تَعُدْ لها مكانة تستأهل قسم رعاية مصالح في سفارة أجنبية أحرى سفارة مكتملة الأركان…

في المقابل على الضفة الشمالية لنهر الكونغو/الزائير تسطع أنوار برازافيل عاصمة الكونغو الشعبية الدولة النفطية المنظمة التي تضم إحدى أكبر وأغني جالياتنا جنوب الصحراء، والتي لا تستحق إلا بعثة قنصلية تتألف من قنصل ومساعده فقط..

كونكورد قَيْ مثالاً : تصادف انعقاد مؤتمرنا مع نموذج آخر لعملنا الدبلوماسي الذي لا يُصدقه عقل ، فقد أُعلنتْ حالة الطوارئ في السفارة لاستقبال مبعوث خاص لرئيس دولتنا(هو المواطن كونكورد قَيْ الذي كان يمارس الشعوذة ) يحمل رسالة منه إلى المارشال /الرئيس/ الديك/ الفهد موبوتو..ونزل بفندق الهوليدي نفسه، واستقبله مُفرداً وبعد إبلاغه الرسالة ،قال المبعوث للزعيم إن لديه مشاريع عابرة للقارات لصالح الأطفال الأفارقة، فقال له كم يتطلب : فقال المبعوثُ مُبَاِلغًا: خمسين مليون فرنك فرنسي، وودعه، وفي اليوم الموالي كان أمين الشؤون الرئاسية الخاصة يسلم المبعوث شيكا بخمسين مليونا ولكنها من الورقة الخضراء “الدولار”..(فلعل الرئيس/ الديك لا يصرف الفرنك الفرنسي!!أو أن مفعول حجاب المبعوث كان مشهودا وسريعاً )

 

في يومنا الثاني، كانت أهم فقرات المؤتمر،إستقبال الرئيس /الديك بكل هيلمانه للوفود على ظهر يخته الرئاسي الأشهر “كامانيولا” على مرساه الخاص ورصيفه الباذخ بنهر الكونغو/زائير الغدق واسع الضفاف مشجر الأكناف…

وفي حفل استقال أسطوري.. كان يقف بقامته المديدة مستندا إلى عصاه الشهيرة المنحوتة وبذلته بالغة الأناقة وطاقيته المبقعة من جلد النمر، و وقفته الامبراطورية الجذابة في هيئة تبعث الرهبة في نفوس الأفارقة الذين يملكون موروثا أسطوريا ضاربا في ذاكرتهم الجمعية وقد أتقن “موبوتو” هذا الدور وخدمه حتي أكلت الأرض منساته فسقط معبودا مرهوب الجانب بالأسطورة والظلم والقهر والتخلف…

(كامانيولا) إسم اليخت واسم الفيلق المؤلف من12 ألفاً من نخبة الجيش يشرف عليه تدريبا وتسليحا وقيادة ضباط صهاينة من لواء النخبة عندهم”جولاني”، وكان يعتبر، بالاساطير إياهم ،غير قابل للهزيمة، وتشاء الأقدار أن يكون ومدربوه الصهائنة أول المهزومين أمام حركة تمرد قادها مساعد باتريس لوممبا الذي عاش في كنف خالد الذكر عبد الناصر قبل أن يطرده السادات ويعيش متنقلا بين مناطق الثوار الكونغوليين :المناضل جوزيف كابيلا… وتلك حكاية أخرى…

كان الزعيم يقف كالفرعون/الإله وحيداً على جسر السفينة ، يسلم بأسلوب ماريشالات الحرب العالمية الثانية، تلامس  منه يداً يابسة في معصم به سوار ذهب لماع ، فيبقى متسمرا في مكانه كأنه تمثال برونزي متقن..

لم يتبادل مع أي منا كلمة واحدة باستثناء الأستاذ فيديريكو مايور المدير العام لليونسكو الذي التقطت له معه صور بواسطة المنظمة، أما رؤساء الوفود فمن المفروض ان يتسلموها ــ حسب الأصول  ــ مؤطرة من الرئاسة..

على السطح كانت الموسيقى الزائيرية وهي الأشهر في المنطقة تصدح، وموائد على مد البصر وكؤوس و شراشف و مناديل على مقاعد “الويس الرابع عشر”(للعارفين)، وكان الرئيس يحمل بأناقة وخطو مفلتر رزين كأسه يُوَّالى التحدث، كما هي أصول الإتيكت، مع المُحتفى بهم، واحداً بعد الآخر…

                         …يتبع…

 

 

الرجاء الاتصال بنا لحجز هذه المساحة للإعلانات

شاهد مواضيع أخرى لـ

التعليقات مغلقة.