جديد الموقع : موجز عن صاحب الموقع  «»   عدنا…و العود أحمد  «»   مهمة في الاطلس المتوسط  «»   معادن الأرواح  «»   البطن الرخو..  «»   خطيئة النون  «»   كتمان  «»   أشواق شامية  «»   الكتاب  «»   شكوى  «»   المزامير  «»   وشاح  «»   حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)  «»   حكايا العشيات2  «»   حكايا العشيات1  «»   ما لي بمدح المحدَثين يدان  «»   نكزة و تدوينة  «»   ناجي و نخبة موريتانيا و الضاد في صالون الولى  «»   حق الإقامة  «»   أنتِ والزنابق  «»   De La Chaudière  «»   الخطيئة  «»   رشة عطر  «»   إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها  «»   بيان من جمعية الضاد  «»   نحن و الزمن  «»   بيان عن اليوم العالمي للعربية  «»   بيان حول اليوم العالمي للعربية  «»   الصمت خيانة  «»   قنينة نفد الراح من خصرها  «»  

يوليو 25
0

فرسان السهول

هاجم علي بن محمد بن احمد بن زيد  بن علي بن الحسين في قول ،وفي قول آخر:علي بن محمد بن محمد بن عبدالرحيم ،البصرة   على ضفة الشط الأجاج من مَصَبَّيْ الرافدين ،السدس الأخير من ليلة البدر ال14من شوال العام257 من الهجرة، على رأس ثورة من كاسحي السباخ ودابغي الجلود وعتالي المزاود و حمالي القرب والسقائين و أبَّاري النخيل ومنظفي الكنائف و معلمي الصببيان ورعاة السخرة و عمال البزازين وصعاليك الشعراء ،و قيل إنَّ أغلبهم من أحفاد آل البيت المُتَخَفِّين عن أنظار و بطش العباسيين وأكثرية منهم من الزنج أخوال محمد بن الحنفية وأبناء المهاجرين من الساعديين والأوس  والهاشميين ،إبان الفتن المتلاحقة والإبادات الجَماعية المتتالية التي تعرضوا لها، فأحرقوها بمن فيها ، واستمرت حرائقها شهراً وأياماً…والعباسيون يحشدون ،والثوَّار ينهبون أموال المترفين و يستعدون لمواصلة الزحف في اتجاه مُدن اللهو والسكر والمجون..وقصور الرفاه و السفاه، كما كانوا يقولون…

دامت الثورة التي لم ترفع شعارا كما رفعت شعار العدل والمساواة و توزيع الثروة بالقسطاس ،أكثر من  عقد ونصف شاب فيها الرجال وشب الولدان، كادت في بعض جولاتها أن تستولي على السلطة لولا المدد الذي كان يصل من ولاة الأقاليم،ولم تستطع القوة العُظمى الوحيدة في العالم آنذاك أن

تقضي عليها ،إلا باستنفار عوامل التشكيك والتشقيق، وهي وَصْفات متجددة على مدى وعمر الصراع على السلطة في كل الأزمنة.

                **                 **                     **

كان محمد بن علي وريث دم الثورة ،لا قيادتها، مسجى على ظهر بغلة ترقل به فتزداد آلام الجراح الثخينة، فيقول ابن أخيه علي ،بألم : بأبي أنت و أمي سيدي ، نرقل حتى لا يدركنا الصباح قبل نقطة الإلتقاء مع النفرات، فيتحامل محمد على نفسه ويقول بصوت متحشرج بغصة :لا عليك، يا ابن أخي ألم ُالدنيا ولا عذاب الآخرة…إرقل  بنا حتى لا يفوت الموعد فالأرض موحشة، أين نحن يا ابن الغالي؟

ــ نحن، سيدي نجتاز شمال (تيماء )حتى نتجنب عَسَـسَ المترفين ،فقد مضت عشر ليال  بأيامها منذ خروجنا من بادية العراق، وجراحك بعضها اندمل..

فيقول الوارث الجريح: وجراح الأمة من يُبَلْسِمُها؟؟ ، والله ليأتيَّنَّ عليهم يوم يفرون كما نفر ويثورون كما نثور…

            ومامن يد إلا يد الله فوقها ::: ولا ظالم إلا سيبلى بظالم

ويُرْدِفُ… كأنما أصابتْهُ عافية طارئة: أيْ بُنَي .. إذا باغتني الموت ـــ وإني والله ما تركتُ بابا يدخل منه إلا دخلته عليه ، فما جاءــ فعليك بدفني كما أمر الشرع فمثلي لا يغسل و لايكفن ،لإني أحسب نفسي، عند ربي شهيداً، ولو لم أعتقد ذلك ما جالَدْتُ مع مستضعفي الأرض طغيان المترفين ، ولولا ما علمتَ و رأيت من الخيانات و الدسائس لكنا من المنتصرين، إذا مَكَّنك الله من إخوانك المستنفرين فلا دعوة إلا ما كان سرا بين النفس المطمئنة  وأختها فإنها إليها منجذبة بفعل الله ، ولا بوح بالنسب فمن صح مسلكه فإلى الإسلام نسبه، ولا فرق في دعوتنا بين ابن آدم وأخيه فقد قال كرم الله وجهه: “الناس صنفان إما أخُ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق”.. يا ابن أخي …جُوزوا القلزم ..واجتازوا أرض الرمل.. وانزلوا أرض الصعيد ..فهي حيث الوادُ السَّلَنْطَحُ والفضاءُ السرْدَحُ بها  السرداحة تلد في ظل السرداحة ، أهلُها قوم الطيبة أرومتهم…والنجدة شيمتهم ..أمراؤهم فقراؤهم ..يُفشُون السلام ..ويَصلُون الأرحام.. ويكثرون القيام، يحبون النبي وآله كما يحبون أنفسهم.. قلوبهم كعمائمهم …إن كرُّوا أدركوا وإن فرُّوا فاتوا…

إلى أن تدخلوا حِماهُم ،لا تقربوا النجوع و القرى، ولا تلتمسوا من أهل المدر قِرى،

فعابرُ السبيل عندهم قاطعُ طريق…إحفظوا  الذمة ..اديموا اللمة… وتجنبوا المبيق ..والرفيق قبل الطريق.. واذكروا ،إذا ضاقت  بكم السبل والأسباب.. أن لها ربا واسع المغفرة ،فاتقوه واعبدوه كما أمركم لا كما تريدون…السعي في أمور المستضعفين جهاد بدون سيف، و…

انتظرَ (علي) ما بعد واو العطف ..لكن الروح صعدت إلى بارئها فجر الجمعة الرابعة من شهر الله النبوي سنة272من هجرة سيد الكونين.

وكما أمر الوريث ابن أخيه ، قيد البغلة ، وأنزله بلطف إلى ثرى (تيماء) وطفق يحفر بأَسَلِه حادّ الشفرة الأرض  الحصباء الصلدة  الجافة، و وقف للصلاة ولولا شجاعته  الأسطورية ،وخشوعه المشهود ،لكان التفت وراءه لشدة الجلبة التي أحدثتها أقدام الرجال و حوافر الدواب وأخفاف الأنعام وثغاء الشاء و همهمة  الرَجْـــــــــــــل..

ـــ السلام عليكم و رحمة الله…كان قادة النفرات كلها قد التقوا في نقطة اللقاء، ومن الخوارق أن البغلـة توقفت جنوبها بألف خطوة، ولأنهم كانوا بغبش الفجر ليالي الدجنة، إمْعَانًا في الحيطة والحذر ،لا يستطلعون أَبْعَدَ من رمية قوس، وتلك قاعدة الحذر الليلي عند العرب…. فلما أسفر الصبح بعثوا الفرقة “النامَّة” وهي عشرة من أشداء الثوار تتألف حتما من مصارعين و مبارزين و عدائين و راميين ومُقَلِّدَيْن…

فعرفوا الأمر وعادوا فأدرك ا لمستنفرون وقادة النفرة الصلاة على الشهيد..

                          **                    **  

(تيماء )علي مسافة يوم لجهة اليمن ، و (بُصرَى) علي مسافة خمسة أيام من جهة الشام ، والأرض جدب و حر و سراب بقيعة نهاراً، وقرُّ وزمهرير قارس و برد بالليل، وكانت خطة قادة للنفرة أن تتحرك بليل و تتوقف بالنهار، ولكن استطلاعات النامة في الاتجاهين  ، أثبت خلو هذه الربوع الجدباء من البشر و حتى من الشجر..

فأقرو ا اختصارا للزمن مواصلة الليل بالنهار بعد الإستماع لوصايا الوريث.. وفي الليلة الموالية رأوْا أن يبدءوا مرحلة الكتمان من خلال إجراء احترازي مصيري أولي  يقضي بتغيير أسماء جميع المستنفرين رجالا ونساء و أطفالا، واستبدال وسوم الأنعام بحيث تتبدل خلال الفترة المتبقية قبل الصعيد ، إن كتب الله السلامة، وليدربوا عليه طيلة الرحلة… حتى إذا ما وَصَلُوا منتهى القصد في الصعيد حسب وصية (الهادي) ،وهذا الاسم الرامز الجديد لمحمد بن علي الشهيد..

ولأنه منع إظهار النسب فالآية أن لا يتفاضلوا فيما بينهم أحرى مع الآخرين، فقدأُلزِمَتْ كل أُمٍّ أن تحَفِّظَ عمود نسب كل أسرة لأبنائها مع قَسَمِ الكتمان و حُرمة البوح… بالدم المسفوح… وحدثت مراسيم دفن الماضي في الصدور و رافقتها حالات نوَّاح جماعي تتفطر لها الأكباد …منها أن ابنة “أبي سطوع الزنج” عمدت إلى “حُوَّار” وليد ليلته، فنحرته لتُساعدها أمه في اللوعة والحنين …

وباتت الأُمَّان: …الآدمية و الناقة…. تنوحان… بالدمع والتحنان إلى أن أُذن لصلاة الصبح..

فإذا بهما قد فارقتا الحياة…   

الرجاء الاتصال بنا لحجز هذه المساحة للإعلانات

شاهد مواضيع أخرى لـ

التعليقات مغلقة.