الشاطئ اللازوردي (ج 9) – منتجع باتايا – السهرة المجنونة

ديسمبر 12, 2012 | أعمال روائية | 2 comments

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

كان الميكروباص يترنح بين السيارات ليتمكن من الوصول بسرعة لمكان الؤتمر الذي هو في العناوين الرئيسية بانكوك..ولكنه في الحقيقة الفرعية مقاطعة (جومسيان) بل في منتجع “باتايا، وكل هذا في حدود أربعين كيلومترا من أرباض بانكوك”
وينتابني بعض القلق من السرعة ،فانظر إلي الترجمان الذي هو بحاجة إلي ترجمان، فالمنظمة تركت إجراءات الأقامة والترجمة غير الرسمية أي التي تجري في الفنادق مع النزلاء والنقل والحاجيات لتتولاها هيآت تجارية، ومن “أجود” ما فعلته 
أنها جاءت بمن وجدت من التايلنديين الذين كانوا عمالا في الخليج ليتولوا الترجمة في المرافق الفندقية و السفريات والسياحةللمؤتمرين العرب..
وعند أول لقاء في المطار لم أفهم أكثر من(السلام عليكم) بلكنة مزعجة..ونجتاز المدينة من جزئها القديم، ربما ،فالمساكن باهتة الطلاء و الشوارع شبه خالية،إلا من بعض رواد الدكاكين نراهم بوضوح وهم يتبضعون لضيق الأزقة و كثرة العربات ذوات الثلاث عجلات(توك توك)
وتبدأ معالم الخضرة الكثيفة تبدل العسر المنظري الآسيوي الكئيب بالنباتات الإستوائية الكثيفة….ويطوف علي علو يكاد يلمسه أنفي عطر “النبيلة”…فأقول بروح التصوف الموروث..أفٍّ لكم أيها الشياطين و ماتفعلون بهذا الراكب الوحيد بين وفد جزر “التمساح”.. عفوا: دولة الكايمان المستقلة
..ويعاود الطيف..إني أيها “التمساحيون” عفواً(الكايمانيون) “لأري “ريح(كاترين) لولا أن تفندون … فلا يهتمُّ ، من سيُعرِّفُني بأنه وزير التربية والتعليم والشؤون الخارجية وإعادة الإعمار و مهام أخري ،لا تتسع لها لغتي الإنجليزية… لأنه انخرط،فوراً، في نومة العروس بعد “الدخلة”، ويُعاودُ عطرُ
“بولغاري” تحديه لأنفي، السعيد بعودة نسيم المتوسط في هذا الجو الإستوائي الضاغط…ويقول -هامسًا – طيفٌ من الصالحين: يا ابن الأقطاب”إنه الخضر عليه السلام” مَرّ يُطمئنُ مَلَأَهُ الذين خِلْتَهُمْ يجتمعون علي قمة أكمة “بينانغ”.. أصيلًا قبل الغروب!فأقول لأسراب الأطياف الخُضْرِ المحلقة علي علو منخفض “ليس بولغاري” العطر المفضل
عند الأقطاب، يا سادتي، إنه، بجِد، عطرٌ نسائي…
(ذيس …إيز)يقول المرافق بإنجليزية تقريبية متلاحقة الحروف سيئة المخارج عالية النبرة حادتها..باتايا ريزورتس هوتيل، ويشير إلي السائق..(أوشين إين بليز) لقد وصلنا منتجع وفندق باتايا .. الوزراء في أجنحة الواجهة البحرية ..ولكننا عند البوابة الكبري سنوزَّع علي سيارات “التوك توك” لتوصل كل ضيف 
إلي مكتب الأستقبال المخصص لواجهته …فالمنتجع أربع واجهات يتم التنقل بينها بالسيارات وكل واجهة تسمي باتجاهها باستثناء واجهة البحر علي المحيط الهادئ وهي الأغلي ثمنا المحجوزة لرؤساء الوفود ..علي نفقتهم أحبوا أم كرهوا، وذالك ما اقتنع به معالي الكايماني ذي السبع وزارات.. فقد طلب الإعفاء وانسحب إلا أنه بعد رحلة مرهقة إلي بانكوك عاد ليقر بأن حسابات البنك الدولي دقيقة. 
فعاد طائعا إلي جناحه الحتمي..في المسارح المغطاة التي يسمونها صالونا ملحقابغرفة معاليك.. قد يناسبك ان تنام علي كنباتها بدل السفر إلي غرفتك فالمكان رائع و متسع الجنبات ..
وطبقا للبرنامج تغدي… من شاء في أحد المطاعم ومن أراد وسمحت البورصة ففي الغرفة …قد يكون أريح لكنه بدون شك”أكثر ملحًا” بالتعبير الفرنسي الموفق عن غلاء السعر.. وعلي الساعة الرابعة بعد الظهربتأخر بسيط عن الموعد دخلتْ وفود بالمئات ، وموظفون بالآلاف إلي قاعة المؤتمرات، وجيئ أمامنا بمنصة خاصة افتتحتْ عليها صاحبة السمو الملكي ابنة جلالة ملك تايلندا المؤتمر- وكما
وصفها جاري العربي المشرقي بأنها(عسل)فقد كانت أحلي، وانسحبت بعد تصفيق باهت من الحضور حزَّ في نفس صديقنا المعجب، وجاء الخدم بلباسهم المطرزة و رفعوا المنصة الملكية علي أعناقهم لتعود إلي القصر الملكي، ونودي علي المقررين وكان منهم، فألقي بالفصحي تقريرا تعمد(ماحي) فيه أن يعرب أواخر الكلم إلا ما استقبحه “سيبويه” وفي ختام الجلسة انتقل إليه ممثلو العرب وبعض الأفارقة ولاسيما صديق كوالا لمبور الغوتولي جوب اللطيف
وبعد الجلسة المسائية تحدد موعد القمة خلال اليومين القادمين ..في نفس المكان وأغلب أمم الأرض بنفس الممثلين باستثناءات إفريقية وآسيوية محدودة..
في المساء كانت الحكومة التايلندية( البلد المضيف) صاحبة الدعوة إلي أضخم عشاء و مرقص مفتوح شهده(ماحي) أو سمع عنه.. نظم علي معشبة غولف المنتجع لما يزيد عن ثلاثة آلاف مدعو .. ولك أن تتخيَّل المطلوب من النُّدّل ..
…..عند مكتب الإستقبال تركت ورقة كتبت فيها بلغة راقية سأعود، إن سمحتم ، بعد العشاء،فهل أضايقكم؟؟ـ لا والذي بعث النبي محمدا ، قالها وهو يغادر إلي الحفل
كان الحفل كله علي وزن “فعيل “من الكآبة والرتابة والكثافة و الغرابة..فقررتُ الرجوع إلي بيتي فلدي مالا يملكه الكثيرون :مذياع رقمي من طراز(سوني) بالموجات القصيرة وكتاب “صديقنا الملك”الطبعة الأولي الخاصة، ويبقي بالإمكان متابعة بعض الصور في تلفزيون الدولة المضيفة
ودون تردد انطلقت في سفر طويل إلي حيث (التوك توك ) أصل مكتب الاستقبال “ووشن إن”..
…بالولفية الفصحي …وقبل أن أتمكن من إحراز أية إذاعة ..يصلني صوته في الهاتف : – ناك انقا ديفْ… عبارة تقوم مقام:كيف الحال، لكن ترجمتها الحقيقية هي: ماذا أنت فاعل؟؟ قلت لمعالي الوزير الذي يتصل من اللوبي …تفضل إصعد..فيقول: هل عندك “ألأتايا”
والله لقد أحرجني هذا الغوتولي اللطيف فأنا أودع “ألاتايا” في نواكشوط ولا أقبل إتعابه بالسفر….أجيب صديقي آسفاً…لا يا معالي الوزير ناخذ شاي أحمر.. إنزل..إنزل لديك ضيفة أيضا أنا أدعوكم للأتاي، وبسرعة أنحشر في بنطال و قميص نصف كم وأنزل…(كاترين) بثياب السهرة اللائق علي قوامها اللدن و عيونها الرشئية الموغلة في زمن السحر والفتون..والضد يظهر حسنه الضد ..كان معاليه قصيرا في مبالغة ، منتفخ البطن بالقدر الزائد قليلا، أكسبه الصلع البادئ تناسقاً مع بقية القوام ولكنه رجل لطيف المعشر
مختص في الأسنان..وربما لهذا تولي التربية…جناح الوزير يقع في نفس الممرو في نفس الطابق الرابع و كذا زميلنا الغوغولي و”كاتبته” تتبعنا (كاترين) دون بنت شفة فنحن نخلط الولفية بقليل من الانجليزية و الفرنسية ليتم التفاهم الإفريقي ضد الإستعمار…
في جناح الوزير جوب ترك ملابسه مبعثرة في الصالون ..أتري هذه الفوضي سببها “الغرام الإفريقي”…دكتور ما ذا لم أفهم؟ لا… لا عادي لقيتُ كاتبة الوزيرالزميل في الممر فدخلنا حوارا يناسب العلاقات الثنائية وكنتُ ،ُربما، ثمــلا أستغفر الله…لكنني صليتُ.. والله!
جاء بكانون كهربائي وعدة الشاي و البارونة تنظر و كل هذا وهي واقفة تنتظر الدعوة للجلوس… يا آنستي الدعوة للجلوس أتولاها عن أكسلانس..تفضلي وجاء من غرفته أكثرُ أناقة فقد لبس قفطانا إفريقيا مطرزا وسألها كيف أبدو لك؟ قالت بانجليزية أنيقة تبدو ملكاً إفريقيا تنقصه زوجات “فيــلا كوتي”المائة!!
لقد صادفت قلبا خليا..تعرفين ملك إفريقيا النيجيري؟؟ طبعًا… و غني الوزيرله مقاطع قالت إنها حسب الأصول…صب الكأس ألاول… ودُقّ الباب بعنف، مع هدير المنبه، من ؟…إفتح أنا زميلك الغوغولي..ماذا يريد هذا؟
ويفتح قائلاً:معي ضيوف..لا يهم ..جئت لنصفي حساب السكرتيرة اليوم و..أفهمُ أن الأمر يتعقد في القارة! ..وأنتقل إلي الباب لأجد تلابيب زميلي ممسوكة بعنف، معاليك أنا(ماحي) من جمهورية الرياح المجاورة…ينظر إلي بعينين حمراوين ويقول تشرفنا بأهلنا هذا الوغد اغتصب كاتبتي..سيدي… سيدي نتكفل بكل شيءولا نفضح دولنا في هذا المحفل أترك الأمر لي نحله إفريقيا…معنا خبيرة أجنبية تعال سلم يسترخي ..يتهدج صوته ،يتلطف : يو فروم علي راحتك.
تكلم بالفرنسية إنها من فرنسا!! آ…منَّا …يعني ..

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات2

حكايا العشيات 2 _________ قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى "الكعب" مخالفة صريحة للسنة .. وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام...واكفهر و جهه :"عرف" إنالله و إنا إليه راجعون...

حكايا العشيات1

من حكايا العشيات 1 ______________ في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

  من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي الحلقة14

الشاطئ اللازوردي   الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..   عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و...