الشاطئ اللازوردي الحلقة14

فبراير 1, 2014 | أعمال روائية

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

الشاطئ اللازوردي

 

الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..

 

عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و المعالي) سنقوم بجولة في الجزيرة وهناك خيارات عديدة..وبدأ بنبرة الخبير يعرض المقترحات ..بلايا دوبينغاوس شاطئ رائع ولكنه للعائلات أنسب…وهناك شاطئ كالاتنخا يعرفه العارفون بشاطئ الرومانسية …

صفق الدكتور الحلبي ورفع عقيرته ببعض أغاني خوليو إيغلسياس فضحك الجميع ،و أردف قائلا يا صاحب السمو الرومانس …الرومانس يا إكسيلانس و صفق الأمراء وغابت النبيلة في نوبة ضحك يعرف الحلبي كيف يغرقها بها وهي تردد لازمته التي يعرف رفاقه:la vie  est une escale ;Passons sans mal مما تمكن ترجمته: الحياة محطة فلنعبرها دون إساءة…

وتلك فلسفته في الحياة الآن فهل كانت كذلك وهو سفير كامل السلطة ؟أعترف أنني ،حرصا على مزاجه ، لم أستطع يوما أن أطرح عليه هذا السؤال الوجيه..

في مدينة الآورا كان الغداء فهي عاصمة الذوق في جزائر غرب المتوسط ولها شهرتها بالأجبان المحلية الطازجة…

 

قالت : لم تكن مرحاً اليوم ، ولا سيما في قرية الجبن ،أرجو أن لا يكون قد سيطرعليك هاجسك الذي يسكن على مسافة 500سنة من الزمن، ألم تستوعب من دروس التاريخ أنه سلسلة من  مآس يصنعها الغزاة وهم أول ضحاياها من الإسكندر المقدوني إلى “السراجين” كما تحب أن تسميهم ،إلى الصليبين وغيرهم و غيرهم…

من ثوابتي أن لا أناقش الرفيق بما  يكدر صفوه في السفر حتى و لو قرر ما يغيظني ، لذلكِ سأرجئ النقاش في هذه المسألة، إلى أن نعود إلى :كان” أو “نيس” أو “باريس”.. قلتُ..

لماذا تلزم نفسك بهذا السلوك الفروسي المُتجاوز ؟ طبيعي أن نناقش.. نختلف.. نتفق ..عادي ،قالت.

في المقصورة تثبيتٌ للطقس على العشرين ، لأن مناخ المتوسط في الليل بارد أكثر، ولكنني مسكون بالبحر ، فكيف لا أخرج إلى الجسر لأتملَّى منظراَ قد لا يتكرر.. أضواء الجزر المتناثرة كعقد منظوم اللالئ على جيد غادة نوبية  نيلية التقاطيع..

سحبت من الدولاب معطفي الكشميري الخمري”الموسوم ي س ل”وتلفعت به فوق “الروب” قالتْ: نحن في البحر أيها الصحراوي…البرد قار…س وبلغني الحرف الأخير من خرم الباب و ما كدت أصعد لرأس الجسر حتى زمجر الموج ولطمتْ وجهي صفعة ماء أجاج وألقت بي راكسا على السلم قشة يُسلمها درج لأسفله …ولا مغيث ..وتكومتُ عند منعطف السلم أفرك عيني باحثا مع الغبش و الحرقة عن نظاراتي ومن لطف المقادير أنها استقرت عند نهاية الدرج في نهاية مسارها معي…

كان ضوء مصباح السلم خافتا إمعانا في الرومانسية والهدوء..

ولا أحد ..لا حراسات ولا نوتي .. مسحت النظارات بأصابعي ليصبح الغبش أشد كثافة …مجتازا الممر الطويل الفاصل بين الغرف و المقصورات، بشكلي المبلل بالملح و يدي المرتجفة أدرت كعب المزلاج دالفا إلى المقصورة فإذا “كاترين” تتابع فيلما فرنسيا على الفيديو و تختلس نظرة ماكرة إلى “الصحراوي” الذي عبث به البحر الأبيض المتوسط…كيف الجو على ظهر اليخت؟

ــ رومانسي جداًّ…

ــ ومُمَلَّحٌ زيادة!! قالتْ

في الحمام تخلصت من “السبخة” وسويت هندامي و كالطفل المُدان البردان دسستُ جسمي تحت الملاءة البيضاء و استسلمتُ لنوم عميــق.

 

من طقوس اليخوت الترفيهية ، الفطور على الجسر، عندما يكون الطقس صحوا فشروق الشمس المتوسطية على وجنات الحسان قصيدة بجزالة العربية وعذوبة الفرنسية و خيال الإسبانية و رهافة الإيطالية ورومانسية الهلينستية و رجولة التركية و خلاسية المالطية و طرب الأمازيغية..هنا كانت أسطورة البدأ في هذه الجرعة النبيلة من الماء الملح  المسماة البحر الأبيض المتوسط…وهنا كتبت على ضفافه كل أساطير الحب والكره و الموت والحياة و التبشير و التنفير و الغزو و العدو والسهو والزهو…زنوبيا كيليوباترة عليسة..حتى بلقيس جاء بها الهيام إلى ضفته الشرقية يسبقها عرشها ..لتكتب عن ساقيها أحجة ولع الأعاريب بالساق العبل والخلخال الصامت وفلج الأنياب وبُعْد مَهوى القرط فتتحد مقاييس الجمال من “العراقين” إلى مهبط الظل غربي دير”سان مالو”…

 

يخت

…يتبع…

 

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات2

حكايا العشيات 2 _________ قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى "الكعب" مخالفة صريحة للسنة .. وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام...واكفهر و جهه :"عرف" إنالله و إنا إليه راجعون...

حكايا العشيات1

من حكايا العشيات 1 ______________ في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

  من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي ح13

الشاطئ اللازوردي ح13   ليستقبلنا على جسر اليخت الفخم ،وقف عملاقا أبيض حليبي البشرة كأنما بعث من عاد ، يلبس جلبابا خمري اللون من الحرير الطبيعي الذي يتقن عمال المصانع نصف الآلية في جبال تايشان حياكته ليكون لذة للَّامِسِين ....  كان بهي الطلعة لذ الطباع يقارب المترين...