رواية : العبقـــــــــــــري وشرطي الإمارات ح1

مارس 30, 2013 | أعمال روائية | 5 comments

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

 الفصل الأول

علي امتداد دائرة الأفق وإلي منتهي الرؤية يمتدبساط ُسهلٍ أخضر مُمرع ، تتهادى عليه قطعان الأبقار غاديةً في دروبها منتظمة الخطو تصاديها على مهل وطمأنينة ثيران تختلف ألوانها و أحجامها ويبقي الأحمر ميراث الأجداد طاغيا في الجينات المشكلة لهذه السلالة البقرية العريقة..تنتظم كراديسها جيشا نسائيا تقوده الفحول على رأسها”ولد برش” يتعكن تامكه كأنه طربوش زعيم من قبائل الليبو،يقف ..ينظر حواليه …بمنتهي الهدوء والرزانة،و…يستوي علي أربع صلاب يقدم رجله الأمامية كمن يتهيأ لأداء طقس تعبدي،يضرب بظلفيه الحادين الأرض السوداء المعشبة ويحفرها بحركة منتظمة تهز كيان الإناث وتبعث برقيات التحدي إلي ذكور الأبقار في “الدول” المجاورة.. وفجأة يخور ويفغر فمه بأسنانه المحتدمة ولسانه السليط إلي أعلي كتمساح يتثاءب بعد فريسة مشبعة ..لاشيء يتحرك…لقد تم تقديم فروض الولاء البقري الصامت صمت الهنود في حضرة بوذا…وينتظم السير..بعد أن أخذ مكانه في المقدمة.

غير بعيد في صفوف منتظمة يقع فريق الخيام الوبرية السوداء تلف قننها قلائد  من وبر أبيض تتخذ شكل صلبان،كأنها تعويذة كنسية حفظتها الذاكرة في مكتوم اللاوعي العجائبي، في كل اتجاهات الخيمة:السهوة ، مدخل “المتدرقين” بعد المساء، و”المنحر” باب الإنس والأُنس و الخير…

صَافِنًا علي عصاه، كالجواد الأصيل، يقف رباح بقامته الربعة وعضلاته المفتولة كتمثال فرعوني متقن التقاطيع،، يشد وسطه بحزامة من جلد ناعمة الملمس جميلة الحفر يتدلي تحتها من كشاط سرواله “جواء” الموسي الجديد بألوانه الزاهية ، لكن طول استعمال النطاق ترك دائرة داكنة علي الدراعة البيضاء ،دليلا علي القيام بالمهام وعدم الإهمال.

إنه ينتظر عودة القطعان من “دوفنه” إلي المراح، وكلما استبطأ سير القطعان الوئيد أطلق صفيرا كأنه عزف الناي،تكاد تميز أي شور يلحن من دقة الإيقاع ولذة النغم… وكأنما، يقطع علي السامع عمداً لذة الشجن، ينادي بصوت خشن..برش…برش… أم دلال…أم زريبة…ساهله…وعند ساهله ونداء غشيوة…تحس حنانا خاصا إنهما ملكيته الخاصة…فتخاله ينادي أو يكلم آنسات من الحي في لغة المتيم الغزِل..فتستجيب بخوار مهموس غشيوة… بينما تبالغ ساهله في الإستجابة ،ولكنها لا تستطيع تجاوز الغضنفر ولد برش الذي يتحكم في إيقاع المارش العسكري المنتظم المهيب..

غير بعيد عند طرعة زريبة العجول يقف إثنان من شباب المحظرة للقيام بمهام الطلاس، يُدخلان كبارالعجول فيها ، بينما “يربق” عليُ الصغار التي لا تحفظها الزريبة لقدرتها علي القفز فوق الحواجز.

  النامي يسخن التيداتن علي نار ذكية من خشب “تازنت” زكي الرائحة ،مراعيا تقاليد السخانة ليكون الحليب لذيذا وشافيا، في حركات رشيقة درب عليها منذو نعومة أظافره، يمسك كعب التاديت ويُنزل فوهتها علي لهب الجمر الصافي الذي لا تكدره دخان ويمسكها حتي نهاية تحمله السخونة و يرفعها إلي أعلي ودموعها في تهطال سحوح ينبعث منها قتارشواء ترسبات الحليب و نسغ عود البشام الذي منه تصنع التاديت،فيتعطر المكان بعبق الخصب و البركة والوفرة والتفاؤل يداعب البطون قبل الأنوف.

 يتسلل  شامخ ليجمع الحبال والنسع من فوق مطانب الخيام والعشش و الزرائب في عملية جمع “إِزَزّاتْن” التي تقيد بها البقرة عند الحلب من رجليها الأماميتين مع رقبةالعجل،أما الرجلان الورائيتان فتكفلان (تقيدان) إن كانت البقرة شرسة…بعد أن يستدرّ برضعة أولية محسوبة ضرع أُمه فتدر بسخاء الأمهات اللامحدود ليجلس “الحلاب القرفصاء محكماً قبضة ركبتيه علي التاديت ..وبحركة”أجبرتْ” الرشيقة بين الأخلاف الأربعة: “المُقْدَمَيْن والموخَرَيْن”،يتصاعد صوت “البخش”، ثم يَتَصامَتُ وذاك دليل “خنددة” التوس، ومهارة الحلاب ..إنها طقوس حلب البقر في صباحات الخريف بعد “دوفنه”.

  تُجيل فاطمه يديها بحشيشة من الفلية الخضراء لتنظيف داخل “التازوة”،بينما تنكب فتيات الخيمة علي غسيل القدحان والقصع الأخري مع تشديد العناية بالقدحات الزرق التي تعد للضيوف و كبار الزوار، ومغاريف الأكواز والغشائش، والجيرات  المتوسطة..

في مكان خاص لا يتبدل عند فم الدبش أمام ديكور “الرحال” تعلوه “التيزياتن” بهدابها المتدلي كالدمقس المفتل يصل بينها قربوس “الحرج”الأصفر اللماع و”دايات “خشب”يطه” الأحمر المحفور بأشكال هندسية أندلسية باذخة ، وعكك السمن المعلقة علي الدايات ،تجلس أم المعالي سيدة المخيم وحرم الشيخ ، إنها سيدة مهيبة المظهر وَقورالجوهر ذات سمْت أخاذ عليه طلاوة الإبهار و سيماء الزعامة… ممتلئة طويلة القامة بيضاء حليبية البشرة تلبس ملحفة سوداء من نيلة متوسطة  ،تترك علي بشرتها القمرية ظلالاً من غضارة النعيم و نضارة الحياء، تتجلل بجِلال من الحائك الأخضرينسدل ،بلامبالاة، علي كتفيها من جيدها بعيد مهوي القرط..إنها علي قدر من جلال جميل التفاصيل،لا يفارق ثغرها الأشنب ذكر الله وتلاوة القرآن أو مدح الرسول، وإلا فحكايات وشعر وأيام العرب..وقليل من الطرائف و الملح..تجلس ،أبداً ، قبالتها “بنت علاده” تحكي غرائب “الحلة” التي لا تنتهي، وبطولات ابن عمها “الأمير” وكرامات “أشياخها”الخارقة…تنتظر “الحلبة” الأولي التي هي خصوصيتها من يوم أن “غادرت الحلة” لأمر لا تبوح به والمشائخ عنه لا يسألون…إنها شجية الصوت صيتة ،سليطة اللسان طيبة الجنان، مرهوبة “اللفظ”..

إن أم المعالي لا تصدر أوامر ولا نواهي فكل شيء تفعله بمقدار ..إنها، فقط،تشير و تومئ وتهمس، وتلك شنشنة النبل عند هذا الحي من بني ساعدة الأقيال.. وشيم الزوايا في أحقاف هذا الذراع المطل على آفطوط  المصاقب لأقان …

 ehlsahel

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات2

حكايا العشيات 2 _________ قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى "الكعب" مخالفة صريحة للسنة .. وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام...واكفهر و جهه :"عرف" إنالله و إنا إليه راجعون...

حكايا العشيات1

من حكايا العشيات 1 ______________ في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

  من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي الحلقة14

الشاطئ اللازوردي   الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..   عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و...