حكايا العشيات2

يوليو 12, 2015 | أعمال روائية | 1 comment

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

حكايا العشيات 2
_________

قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى “الكعب” مخالفة صريحة للسنة ..
وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام…واكفهر و جهه :”عرف” إنالله و إنا إليه راجعون هذا هوالوارد في النص الكريم ” أصحاب الأعراف” و قرأ بصوت مرتجف قوله تعلى:
“وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ” ..

كان كل من في الخيمة ينصت للرجل الوقور الصلب المتصلب يسلق بلسانه الحاد و أحكامه النهائية التعليم والمدرسة و لغة النصارى والقيامة التي توشك أن تطبق على الأرض بفعل “الأعراف” و “السراويل الطويلة السوداء”و “السفن” التي تجري على اليابسة و “الحديد” الذي يتكلم..
لا أحد يستطيع سوى الصمت باستثناء سيدة البيت التي تكرر الحوقلة و الحسبلة و اسم الله ” البرّ…البرّ…”كأنما اجتاحها إعصار فيه صِرٌّ..
انسحب الفتى من المحاكمة العلنية دون أن يودع الشيخ المفتي و تعمَّد أن يضع العمامة و يبرز ” بعُرفه”…

بدا في دراعته البيضاء و قميصه الأزرق و سرواله الأسود مزركش الحواف بالأصفر، مراهقا بهي الطلعة أشمَّ العرنين يناطح “عرفه” الثريا بسواده في “بياض ” عارضيه المحلوقين على “الزيرو” كما يقول “حلاقو مقطع الحجار” حاضرة الأناقة والسياسة التي وصل منها لتوه كما يصل رواد الفضاء من “كاب كانافيرال” إلى “سطح القمر” حيث لا “حياة”…
تمتمتْ “السيدة” : إنه لا يهتم لما قلتَ .. يا أنْتَ .. لقد دلَّلتْهُ والدتُهُ كثيرا..و أنتم صامتون… 
وكان صوت الشيخ أعْلى و هو يرُدُّ عليها: لا هذا تدليل أخوالها لهُ … إنهم مترفون.. انظري هذه الملابس من”المُضَلَّع الفاخر” يلبسها مراهق … 
قال “صاحبي” محمد لوالده الشيخ: لا هذه الملابس من الحكومة تكسوبها طلاب المدارس ..”يا الغيثاْ” 
…قالها بلوعة وتحسر…لكن وقْعَ الوكزة و النهرة ألزمه الصمت في توجع مكتوم…

بين الخيام السود يتخطى الفتى “الخوالف” متجها إلى ” خيمة التبريكة” التي ينتظره فيها “عصره” لإعلان اسم “العصر” فقد ” ربط ” أغلبهم “السروال” و ” مسح التبيب” وصار لزاما على الجميع أن يُصبحوا “رجالا” و يستعدوا لمنازلة ” العصور” الأكبر في ” القطاع” شعرا فصيحا وعاميا و” التعرقيب” في حسن الخط و” اللز” و الكرة ” التود” و “الدز”و “الزرق” في الحفظ و التجويد و “الإعراب” للقلة التي ” تخلطت مع عبيد ربه”..
يتلذذ بما يصل أذنيه من خلف “الدِّفيَه” استحسانا كان أواستنكاراً، و تتهامس الصبايا بطول “عُرفه” و حلاقته التي يسمونها بمزيج من الإعجاب و النفور: (تقصيصة النصارى) أو “حْسانةْ لابْروصْ”…

في ” خيمة العصر” ما يربو على العشرين من”أولاد الفريق” يستقبلون القادم بترحاب مشوب بتوجس و غيرة الأقران الأزلية و نفور البدوي من الحضري و هاجسه المرضي من “فوقية ابن العم ” أو تفوقه…
بعد برهة يبدأ الجليد في الذوبان و تعود العفوية و تتساقط التحفظات وتبقى النكايات و المناكفات تحت رماد الأحاديث العابرة لأن لحمة العصبة تحمل من التنافس المحموم أضعاف ما توفر من حمية…
كمدخل لــ”الأحسان” تربع ” محمودي” أمام “طابلة” نحاسية صقيلة لا قوائم لها و على يمينه ” فرنة” من “تنقردة” يتلمظ فيها جمر “تازنت التمات” وأمسك “عرقوب براد الديك المشجربالفضة و النحاس” و فتح 
” مرقالته” بعدما “جمَّمَ” “تبخة” قاسها “بثومة إصبع السبابة في “الكاس”، ثم صبها في البراد ودلق عليها “عمارة “مناسبة من ماء المغرج المغلي”..
وبعد أن “جعَّر” “الورقة” صب من الأتاي مِلْأَ كأس صابَبَهُ بين الزجاجات حتى حازت كل كأس نصيبها من “النسمة”… و أعاد الخليط إلى البراد…
ثُم “راز” رشفة ليختبر عتق المجاجة فكانت “خمرا” تدور معها”الرؤوس” و تمايلت على شدو محمودي ” القَيَّام”و هو يغني …

بكى الغريب لفقد الدار و الجارِ** إن الغريب غزير دمعه الجاري

وعاد محمودي ،بمساعدة و ترديد الجميع ، للشور االذي اشتهر بإجادته عند “فرقان” القبيلة في أفطوط…. يا بابْ لَنْكَه..

و أُعجِبَ الفتى بقاف الشورالأشهر:

عقلي من سابقْ ذا المَلْقَ ** متحزَّمْ كانْ عْلَى وِدْكَه
شاطُ لغرامْ إليْنْ بْقَـــــى ** ما تُشكَّرْ منُّ فِلْكَــــــه

,,,يتبع …

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات1

من حكايا العشيات 1 ______________ في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

  من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي الحلقة14

الشاطئ اللازوردي   الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..   عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و...

الشاطئ اللازوردي ح13

الشاطئ اللازوردي ح13   ليستقبلنا على جسر اليخت الفخم ،وقف عملاقا أبيض حليبي البشرة كأنما بعث من عاد ، يلبس جلبابا خمري اللون من الحرير الطبيعي الذي يتقن عمال المصانع نصف الآلية في جبال تايشان حياكته ليكون لذة للَّامِسِين ....  كان بهي الطلعة لذ الطباع يقارب المترين...