حكايا العشيات1

يوليو 12, 2015 | أعمال روائية

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

من حكايا العشيات 1
______________

في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول محبوه أن يشيعوا من إشراق في عتمة شعوره..

تنحني الإكيكة العتيقة على شاطئ الأضاة مظللة الماء المحتفظ ببرودة صقيعية تغري بالاستحمام فيها و شُرْبِ مائها البارد بين الزغلان الملون الذي يسبح برشاقة حول جسمه الغاطس المستلذ بثلج طين القاع رغم شمس الضحى اللاهبة.

بين لذة الماء و لطف الهواء لم يشعر بمرور الوقت إلا بعد ما وصلت طلائع قطعان الأنعام وبعض الوراد يحملون القرب على الحمير للتروية.

بسرعة انسرب من الترعة وتناول بحذر سرواله و أدخل رجليه في “رجليه” ليرفع نسعته ويستدير مدخلا رأسه في “رقبة” دراعته الزرقاء.. لقد اجتاز مرحلة الشهقة التي تتلو تباعاَ البكاء السخين المكتوم، و شعر براحة طارئة لم يجد لها تفسيراَ لأنه ـ أصلًا ـ لم يبحث عنه .

من طقوس ذلك الزمن الجميل أنه بعد أتاي الصباح يخرج الرجال إلى الوادي ، ليعودوا ،هذا بمسواك من “الأتيل “زكي الرائحة قطني المضغة ، وذاك بقطعة خشب من “تازنت” المعروف بجودة جمره وقلة دخانه وذياك بعجول كانت ستلحق بأماتها في “السرح” ..

و في المجمل لا يستحب أن يعود الرجل إلى الخيمة و أياديه “طرايق”..

على “الظهرة الفاصلة بين “الفريق “و الوادي تعامدتُ مع “م” عائداً من نزهته الصباحية وسرتُ إلى جانبه … أرسل ذزاعه المفتولة ليضعها بحنان على كتفي فتنفست عطراً أخاذا كانت آثار “قطراته” بادية على لبنة “البطريق” المزخرفة بخياطة “برنينة” الصفراء.

قال : ما أخرك عن الأتاي هذا الصباح ؟ قلت أحببتُ أن أبترد في الأضاة فأخذ المنظر الجميل كل وقتي …بدا كمن لم يقتنع ، لكنه أردف: تعال …تعال.. و واكبته وذراعه حيث هي..

في صدرالخيمة أفردت “خبطة مرقبة ” نشرت فوقها “حصيرة حمراء من “الرعيعيد” التجكجي الوثير ..صففت فوقها “صرامي” مقلمة باهرة ساخنة الألوان وبين هذا الرياش يحتل مذياع “فيليبس”مكانة متميزة،، مرفوع الهوائي ،ينثر مذيعه ،من هيئة الإذاعة البريطانية بلندن ، نشرة أخبار الظهيرة ، بلهجة ندية.

كان “المغرج” على “الفرنة” يعجم بغليانه خطاب “الدواخ” في رؤوس البُداة الذين يهيج البخار المتصاعد من فوهته قرائحهم فينظمون أعطر الشعر بأصدق العواطف في “سبولة المغرج الواقفة” …

نقِّ المجالس من غليظ الطبع إن رمت الغنا أو مثله من مؤتنس
لا بد من ظرفاء أهل نباهة كالأصــمعي و أخي بثينة أو أنس
وشموس صحو مائسات خرد خرس خلاخلها أنيفات النفس
بيض رخيمــــات الكـــــلام كعزة وبثينة و أميمة ذات اللعس

قال “م”: أدخل حتى تشرب معي الأتاي الذي فاتك ،ولم أنتبه بعد، أنني و صلتُ إلى ما يبعث على الهرب من الكبراء ، ولم أنتبه إلا بعد أن رفعتُ “حلَالة” الخيمة الوارفة الظلال ،فإذا بالمصون على طرف “الخبطة” دون “الدبش” بملحفتها السابغة من”خنط النميرات” الذي هو لباس المترفات ..
أغدقتْ عليَّ سيلا مبالغا فيه من الترحيب، كمن يعتذر عن سابق جفاء ، و واصلتْ مخض “الشكوة” على فخذها البض .

لعملية المخض مؤثرات جانبية تختلف باختلاف الماخضة ، منها أنك تسمع للشكوة ضبحاً مُوَّقَّعا كما يرزم بطن الفلو الراكض هربا من مُروِّض قدير… و من أخطرها لحظة “نفخها”أما مراسم “تفتيشها”، فَوَرَبِّكَ ،إنها لتورد الشبان معاطن الرغب و مخاطر الرهب… و ترجع المرعوي لعهد التصابي…..

…/…يتبع

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات2

حكايا العشيات 2 _________ قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى "الكعب" مخالفة صريحة للسنة .. وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام...واكفهر و جهه :"عرف" إنالله و إنا إليه راجعون...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

  من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي الحلقة14

الشاطئ اللازوردي   الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..   عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و...

الشاطئ اللازوردي ح13

الشاطئ اللازوردي ح13   ليستقبلنا على جسر اليخت الفخم ،وقف عملاقا أبيض حليبي البشرة كأنما بعث من عاد ، يلبس جلبابا خمري اللون من الحرير الطبيعي الذي يتقن عمال المصانع نصف الآلية في جبال تايشان حياكته ليكون لذة للَّامِسِين ....  كان بهي الطلعة لذ الطباع يقارب المترين...