الشاطئ اللازوردي ح16:أزرق أغادير bleu agadir

فبراير 15, 2014 | أعمال روائية

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

 

من المقاييس الأساسية في اختيار المضيفات ،قبل حسن السمت ، عذوبة الصوت، بحيث تكون الاصوات التي يحملها إليك البوق في صالات المطارات و في الطائرات قطع حلوى مسموعة تتلهى بها أذنك  وتغسلها من درن أزيز المحركات ،كما يتلهي حلقك بقطعة الشكلاتة التي تذوب رضابا ملونا في اللها لا تراه العين…

لقد أصبح كل ذلك من سقوف الملذات التي تَخَيَّلها الشعر فصنعها العلم أحلاما مجسدة في الأحلام..

“نحن الآن على ارتفاع كذا قدم نجتاز مضيق جبل طارق إلى يمين الطائرة و سنواصل رحلتنا الخاصة إلى مدينة أغادير…”

كانت دَلاشوديير مأخوذة بالصالون الجلدي  الدائري الخرافي والبسط المبثوثة على أرضية الطائرة ، والموائد المثبتة و عبير باقات الورود والزهور المتناثرةعلى المزهريات في أركان الصالون الفسيح و القمرتين المجهزتين كمخادع نوم بأسرة وثيرة و شاشات عرض ..كأننا لم نغادر اليابسة لولا نوافذ الطائرة و الغمام المتواشج تحت أقدامنا تشقه أجنحة هذا الباز الفولاذي العجيب.

قالت  لماحي أين مقاعد الطائرة وصفوف الركاب كما في الحافلة؟..نحن في فندق خمس نجوم ولسنا في طائرة…حقيقة التفاوت بين الناس فوق الخيال ..هذه الطائرة  لصديقنا فعلاً؟

قال ماحي: خفضي صوتك …لا أعرف ..له أو من “مربط خيل والده”..

ابتسمتْ بنبلٍ متوارث وقالت: أنتم أمة عظيمة ولكنكم تبالغون في الإستهلاك .. وعضت على بقية الجملة..فقال صديقها: 

ــ درس بليغ ممن تملك عدة قصور مسجلة تراثا لا يقدر بثمن في “رينس” و “الكوت” و”بوردو”…

قالت: أ تحتمي لابن عمك؟؟ سنناقش   الموضوع بعد أن ننزل في الفندق…

قال: قد يكون منتجعا خاصا…

قالت: من فضلك ..لطفاً..هذا المساء أريد أن أنزل في فندق درجة ثانية أو حتى ثالثة …إنني مختنقة بالمراسيم و الفخامة  …

 Je  veux flaner librement

قال ماحي:لا مشكلة سأتدبر الموضوع، فقط أرجوك لا تظهري تبرما،فالرجل يفعل كل هذا من أجلي…

قالت: تعرف أني ممتنة لعلاقتك به وهذا من أخلاقكم الأصيلة، لكنك تعرف قرفي من البروتوكول.. وتلك القيود التي تجعلني أترك البارونة الوالدة أسابيع حتى أرى الدنيا البسيطة و الإنطلاق بدون قيود …

أنت تذكر البيت البارون يعرف متى ينزل إلى الحديقة ومتي تأتيه البارونة ولون قبعتها في كل فصل و قهوتها في أي الفناجين وطراز الكرسي،   ينتمي لأي لويس 14 او 12 ..تراثي هذا و أحبه ولكنني لا أستطيع أن أعيشه  فهو ماضٍ سحيق ..أنت و صديقك تريدان جمع النقيضين…و هو مستحيل…و بينما هي غارقة في موضوعها ، أعلنت المضيفة بلثغة إسبانية تذكر بأحزان ولَّادة: بدأنا الهبوط نحو المطار..

زرقة أمواج أمواه أغادير في سفح الجبل وكلمة السلطان محمد الخامس بعد الزلزال الشهير و البارونة المندهشة من كثافة الإفريز الأزرق …قصيدة تبحث عن كاتب…

إنحنى ماحي إلى الأمام ليُسمع صوته مع ضوضاء المحركات لحظة الهبوط و قال:أيها السادة في اللغة الفرنسية نعوت للون الأزرق كثيرة ،لكنهم أضافوا إليها هذا القرن الزرقة الأغاديرية …فلا يَفُتْكم هذا اللون على الطبيعة…

جمع أمين المراسم بسرعة الجوازات وعندما حطت الطائرة في نهاية المدرج كانت سيارات سود مظللة رابضةتنتظر عند السلم وانطلق الموكب بهدوء صوب “الإقامة” بالمصطلح المغاربي ، وعند الوصول إلى القصر الأندلسي الجميل ذي الطابق الواحد بدأ توزيع الضيوف على الغرف و الأجنحة فاستلم مرافق ماحي ،كالعادة، و حرمه ،كما كانوا يقولون، الجناح الخاص بهم ،لكنهما هذه المرة لم يبادرا إليه…انتظرا حتى رآهما المضيف وكان يهم بالصعود إلى جناحه بعد أن اطمأن على الضيوف ،و عاد أدراجه مُسَلّما ومتسائلاَ :

ــ صاحبة السمو البارونة أتعبناك؟

ــ إطلاقا نحن من أتعبنا سموك بهذه الرحلة الطارئة …قالتْ بلباقة إنجيلية …

وقبل أن يرد قال ماحي: أخبرتُ سموك أن صديقنا اليمني ينتظرني هنا و من اللياقة أن نبيت الليلة معه في فندقه منها الصداقة و منها العمل تعرف أنه عضو معي في مجالس  متخصصة ، ثم إنه …

كان الأولى أن تستضيفه فهذا بيتك …

سأستأذن لي و للبارونة و الحلبي ولكم علينا أن ندعوه على الأقل للسلام عليكم…

كما تشاء البارونة…أرجو أن تهتم براحتها…إنها سيدة “هجان” و “رينس” …

قالها بفرنسية مكسرة جميلة منه…فابتسمتْ كما تتفتق شقائق  النعمان…

 

 

تصفح أيضا :

حكايا العشيات3 (الجَّبَّابْ)

حكايا العشيات 3 (الجَّــبَّابْ) ________ محمودي مثال على "الجبَاب" المتمرس ربع القامة قوي البنية بشوش طروب و مولع حد الهوس بالغناء الذي يجيده دون مهارة التخصص ، مما جعله يبتعد باكرا عن اللوح و المحظرة ... كان شيخ المحظرة يدعى الحسين وهو مشهور بسوطه الذي يعذب به...

حكايا العشيات2

حكايا العشيات 2 _________ قال له : حتى أنت يا ابننا ابن الصالحين و أبوك العالم الحافظ وأمك العارفة تدخل قراءة النصارى و تلبس سروالا أسود يتدلى إلى "الكعب" مخالفة صريحة للسنة .. وماذا تحت العمامة؟ و مدَّ يده مُزيحاً اللثام...واكفهر و جهه :"عرف" إنالله و إنا إليه راجعون...

حكايا العشيات1

من حكايا العشيات 1 ______________ في مسيل الجريكايه (تصغير شجرة الجَّرك) ضحوة ذلك اليوم الغريب تكشفت للغِرِّ حقيقة الإبن اليتيم وعُرْيُ ظهر اليتيم ، ولو أحيط بالتبجيل و التكريم والتلعيب والتدليل ، فثمة حالة رثاء تستبطن كل موقف، منهُ له أو عليه ، كفيلة بإظلام ما يحاول...

الشاطئ اللازوردي 17

انتحى ماحي جانبا وأمسك سماعة الهاتف : ـــ فندق أتلانتيد ؟ عندكم نزيل باسم سعادة السفير الصنعاني ؟ ـــ أقول له من ؟ ـــ  السيد ماحي من فضلك... ـــ لطفاً سيد ماحي لدينا حجز باسمك و السيدة حرمكم وسعادة الحلبي أليس كذلك ؟ أنتم في المطار؟ نبعث لكم حافلة؟ ـــ شكراً... لا...

الشاطئ اللازوردي ح15

الشاطئ اللازوردي الحلقة 15:Escapade  à AGADIR  قال الأمير الإسكندنافي اللطيف مواصلا حديثه الإستشراقي الحشري عن الصحاري العربية : السنة الماضية  قضيت رأس السنة في مراكش و أعتبر، وليسمح لي السفير الحلبي، أن كل سحر الشرق وألف ليلة وليلة كامن في المغرب أكثر من المشرق،...

الشاطئ اللازوردي الحلقة14

الشاطئ اللازوردي   الحلقة14 :مينورقة .. مالطة..   عاد اللبناني القصير يحمل جوازات السفر مختومة بسمة الدخول إلى الأراضي الإسبانية لمدة90يوما قابلة للتجديد ، وانحنى ،في إيماءة يتقنها الشوام لذة معشر وسلاسة خدمة..قائلا بصوت خفيض : آلْـتيسْ  و إكسلانس (أصحاب السمو و...

الشاطئ اللازوردي ح13

الشاطئ اللازوردي ح13   ليستقبلنا على جسر اليخت الفخم ،وقف عملاقا أبيض حليبي البشرة كأنما بعث من عاد ، يلبس جلبابا خمري اللون من الحرير الطبيعي الذي يتقن عمال المصانع نصف الآلية في جبال تايشان حياكته ليكون لذة للَّامِسِين ....  كان بهي الطلعة لذ الطباع يقارب المترين...