التاريخ: من يكتبه؟

يوليو 4, 2014 | تأملات وأفكار

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

التاريخ .. من يكتبه؟

التاريخ هو هذا السجل الحافل بالأحداث الذي يظل الشغل الاول ل”لإنسان” والشاغل الأبدي للأفذاذ من بنيه، لا ينفك يمارس سطوته عليهم و يمارسون صناعته و روايته منذ وجدوا على هذا الكوكب العجيب ،وهم لمَّا يتجاوزوا المحكي إلى المنحوت و بعد أن تجاوزوهما إلى المكتوب ليظل الحرف يهيمن على صفحاته مذ ذاك إلى الآن…

فهل سيصبح الكناش المصور والشريحة  و التدوينة  المرئية و اللقطة “إضبارةَ “التاريخ القادمة الأكثر و ضوحا والأقل صدقا بحكم ما تتيح من عبث بمحتوياتها و تزوير لمقتنياتها وتعدد لمستعمليها و فُشُوٍّ لاستعمالها و غزارة في مادتها؟ 

و هل يعني  انتفاء الموثوقية وانتهاء المرجعية العلمية و غياب الحجة القاطعة وانتشار العبث وسيادة الفوضى في كل مناحي المعرفة البشرية ،العودةَ إلى اللحظة الأولى البدائية التي تتيحها القدرة على التدمير و شمولية مفعوله الرهيب؟

كنا ، قبل هذا التساؤل المفزع ، قد حاولنا الإجابة ، في مقاربة سابقة ،على سؤال شَرْطي رعفت فيه ملايين الأقلام وأعملتْ لفك طلاسمه الأفهام ، ألا وهو: تُرى من يصنع التاريخ؟؟

وغاية ما تُتيحه القراءة المتأنية الفاحصة لمنتوج السلاف :أن التاريخ صناعة أفراد

ولكنَّ السؤال ـ التوأمَ الملاصق “السيامي” الذي يشبهه في كل ملامحه هو: تُرى من يكتب التاريخ ؟؟

ومن حيثُ الأساس فإن الجواب هو :ان التاريخ يكتبه المتغلب ، ولكن استحالة الاحتكار في مجال الكتابة و الرواية و سطوة “العلم بالقلم” مكنت المغلوب في الكثير من الصراعات من أن يترك للزمن والأجيال اللاحقة وجهة نظر مغايرة لرواية الغالب،و إن أحكمتْ قاعدة: “استحالة إعادة تصنيع التاريخ” فقد جفت أقلام الرواية بما سطر المنتصِرُ “أنه كائن ” و طويت الصحف..

هذا إلى حد “حدِّ قرن” القرن الحادي و العشرين الحالي الذي يشهد ملامح انقلاب مذهل في كل شيء بحيث لن يعود مسلما بأي شيء سوى تعدده و قابليته لنقيضه ليس بسبب تعدد الرؤى في حد ذاتها فقط ، وإنما الأدهى قدرةُ المتحكم القابع وراء الأفق كمنظومة مالكة، على العبث بالمعطيات التي من خلالها تتشكل قناعة “الراوي” الذي يكتب أو يصور أو يركب أو  يوّالف أو يحقب “المنتج” الذي يؤرخ للأحداث والمحدثين  (بفتح و كسر الدال)..

فهل جاز لنا أن نسأل : لمن سيكتب التاريخ عندما أصبح بمقدور أي مستعمل لتقنيات التواصل أن يكتب أحداثه من وجهة نظره أو يصوره أو يسجله بالأدوات التي تتيح “الشك” ولا تضمن “اليقين”؟

فكما يستطيع فاشل في السنة الإعدادية الأولى أن يصلح لعالم لسانيات حاسوبه العاطل ،فإن باستطاعته و ببساطة أكبر، أن يُعيدَ، بالقص و اللصق ،ترتيب أي مرجع معتمدٍ وينسبه لمن شاء ليتلقفه باحث آخر ويستدل به على ما شاء، ولاشرعية لمن يقيمُ حجة على آخر…

إن العاصفة التقانية الهوجاء التي يجتاح بها الإنسان شواطئ إيمانه بالثوابت ،كل على طريقته ،بقدر ما توفر من وسائل و وسائط التعمير.. فإنها تنذر بفوضى عارمة في المفاهيم و القيَّم و المعارف و المرجعيات.

ولو تحكم في دفق المعلومات/المجهولات “سيد” واحد ـ اليوم ــ فإن “سادة” آخرين ينتظرون “دورهم” في “الدورة” التقانية الكونية لإعادة “تدوير” نفس “المنتوج” “المستعمل” لممارسة “السيطرة”…لأنهم “المتغلبون” و إن تعدد الموهومون بالتعددية…فهل في ذلك “برهان” متجدد على أن “الغالب” هو الذي “يصنع التاريخ” و “يكتب” منه النسخة الأكثر رواجا ؟؟

باستطاعة كل فلاسفة ومفكري كل الدنيا من يوم الصرخة الأولى إلى الطامة أن يُنَظِّرُوا للعدل و السلم والرخاء والعيش الرغيد والجور و الشر و البؤس، ولكنهم لايستطيعون أن يغيروا “قاعدة فريدة من حقائق الأشياء” هي أن القوي ــ في النهاية ــ هو الذي يحكم” …

 

 

تصفح أيضا :

الطِّيَّرَة

الطِّــيَّـــرة ________ (كتبتها يوم 29 ديسمبر2012 عن الرقم 13) من الثابت ، الذي أعجز المصلحين ـ منذ أن وجد هذا الكائن الغريب ذو الملامح والمحامل والملاحم و المحالم الفريدة ،وأهمها "العقل" ـ تشبُّثُه بفطرته وعودته إليها كلما دهمه خطرٌ يَع...جزُ عن مُغالبته، و هي فطرة...

صباح نواكشوط

صباح نواكشـــوط....   بعد صلاة الصبح اليوم ، وجدتني أحمل نفسي من شمال عاصمتنا الدميمة إلى وسطها ، وكم كنتُ أود أن أتوجه إلى (قلبها) ولكن ما الحيلة إذا كانت ب(دونه)... كنت مدفوعا بشوق و فضول : أما الشوق فإلى تقاطع  ج ع الناصر و ج ف كينيدي غربا ...و تقاطع ج ع الناصر و ش...

بين الصعود و السقوط

بين الصعود و السقوط للكاتب الرائع في السياسة  و الأدب و الفكر  الوزير محمد ولدامين جُمل يلخص بها مواقف و حالات متشعبة بأسلوب شائق ، تمثِّلُ إحدى بصماته الفارقة ؛ وقفتُ أمام الأخيرة منها بإعجاب : "من المؤسف جدا ان يرى المرء نهاية مسرحية لرج...ل عظيم !بوتفليقة يستحق...

حاشية على تظاهراتنا

حاشية على تظاهراتنا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يوم ال15 من الجاري حضرتُ مبكرا ، ساعةَ قبل بقية المدعويين، الى قاعة انعقاد تأسيسية منتدى الشباب  للبناء والتنمية ، لسببين اثنين بلا ثالث : 1)شوق دفين إلى رؤية شباب منطلق متحمس...

من هو الشاعر؟؟

بهـــــــــــدوء ـــــــــــــــــــ   من هو الشـــــــــاعر؟؟؟؟ تبرز هذه الأيام مسألة مهمة طافيةً على سطح الأحداث ،على شكل مواقف حادة، كعادتنا فى استخدام اللونين القطعيّيْن، و الفسطاطين المتخاصمين أفقيا. والموضوع ، هذه المرة،عن الشاعر و ا...لحكم ,وموقف الأول من...

نقاش نازلة ترك النافلة ..

نقاش نازلة ترك النافلة .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دعيتُ مساء أمس لحضور ندوة حول قضايا فكرية من داخل الطرح القومي ، وثقةً بالداعي الأستاذ محمد سالم بن الداه استجبتُ ، ولأن المنوه عنه صديق في عالم التواصل الإفتراضي، وإن كنتُ قد لقيته ، لماماً، ثلاث  مراتٍ...

في سياق مختلف:المجتمع المأزوم و النخبة المهزومة

    الضبابية هي السمة الغالبة على أي فعل لا يُحيل إلى مستمسكات عقدية، ولأن الوقت لم يحن والآن لم يئن، ينبغي أن لا ننخرط في تفسير الماء بالماء لأن ذلك سيكون  مساهمة في اللعبة الكسيحة، بل يجب الاتجاه رأسيا، لا أفقيا، إلى التنبيه بالتحليل ، إلى مواطن الخلل بغية...