الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...
الأسئلة المصيرية


ناجي محمد الإمام
شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…
آخر المقالات

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها
إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها ( الحلقة 2 من 4 ) إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة
الصمتُ خيَّانــــــــــــة.... منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...
ا
الكيان و وأعراض الشيخوخة المبكرة
بعد سن الخمسين تبدأ الأسئلة الكبري تطرح نفسها علي الإنسان الطبيعي العادي :ماذا أنجز ؟ و كيف تزود لمرحلة الشيخوخة؟ وبماذا تزود؟ و تختلف الأسئلة من شخص لآخر حسب العقل و العقلية و الطموح و المكتَسَب المعرفي والمدرسة الفكرية وحالة التدين ..لأن هذه المرحلة هي الإستحقاق الأساس في العمر .
وثمة تشابه كبير بين أعمار الأفراد وأعمار الدول لكن الفرق الجوهري بينهما هو في طبيعة الدولة باعتيارها تنظيما يحتضن الناس في كيان( مستمر) يعوض حتمية(فناء )الأفراد جيلا بعد جيل وتدافعهم بالإنتخاب أو بالقوة ويؤمن بقاء( الناس) …و من هنا أيضا تختلف الأسئلة لتصبح من نوع ضمانات استمرار الكيان في (الصحة ) التامة و الإنتاج المتصاعد والإقتدار المتنامي و الشباب الدائم ليعوض في طبيعته الدائمة مهام الفرد الزائل…. واستمرار هذا الكيان الناظم قائم أصلاً علي “التواضع” و(التوافق) علي طبيعته و مقوماته ومكوناته و ذاته و هويته ، بحيث لا يتأتي خلاف علي تلك المحددات، وحصر الإختلاف في رؤية كل مكون سياسي ومقاربته للنهوض ،وذاك ما يعبر عنه بالبرنامج السياسي و (الصراع) فيه صحي و ضروري ومن طبائع الأشياء ، وما سواه تسلط وتنميط للحياة علي غير تعدد ومآله الزوال.
قصور و تقصير الطبقة السياسية
ولقد بلغت” الجمهورية الإسلامية الموريتانية” هذه السن وزادت عليها أعواما، وانطرحت كل الأسئلة ولكن من خلال الظواهر المتفاقمة التي تعبر عن نفسها بأشكال مختلفة ، لكن الأمر المُستغرب، هو أن ما يسمي بالطبقة السياسية ،بكل ألوانها و تلا وينها ، باستثناء أفراد، لم تطرح يوما سؤالا جديا واحدا حول هذا (الكيان) و ما يعاني من اعتلال جسمي واختلال بنيوي ، بلْ ظلَّ (الهَمَّ )المسيطر أولاً وأخيراً علي تفكيرها و تنظيرها و برامجها هو كيف يصل هذا أو ذاك إلي السلطة وكيف يقترب هذا منه لمساعدته علي البقاء فيها أو الإ ستفراد بها، مما جعل الظواهر المرضية تتفاقم والإختلالات الخَلقية تتحول إلي أمراض مزمنة.
الطبقة السياسية
في غياب تعريف جامع مانع لمصطلح (الطبقة السياسية) فإننا في هذه البلاد ،دَأَبْنَا علي استعماله تعريفاً لفئة (المشتغلين بالشأن السياسي العام) .. وتتركب من أربع مكونات حصرا:
1) الرجال الذين كانوا في أصل الحكم الذي أقام الكيان في الأربعينيات أوالذين التحقوا به في مراحل تالية و وَرَثَتهم، بالأصل أو بالإنتماء …..وهم، بحكم العمر، في تناقص مستمر عددا و تأثيراً.
2) الزعماء القبليين و ممثلي كبريات العوائل الإثنية و المتنفذين بالمال.
3) زعماء و متميزي الحركات السياسية الفكرية التي ظهرت في البلاد في كافة المراحل، بدون استثناء، و دون حاجة إلي تفاصيل.
4) الأشخاص الذين حولتهم الأحكام الإستثنائية المتتالية ‘بضخ المال في جيوبهم و رشوة الأزلام و خلق الحواشي وتسخير النفوذ الإداري ،إلي شخصيات تنافس بهم المجموعات أعلاه أو تقضي عليها، واصبحوا بحكم الأمر القائم فاعلين سياسيين وأسماء معروفة. ويشكل هذا الصنف أغلبية في إجمالي الطبقة السياسية بحكم المال و التجربة وبقايا المنافذ المفتوحة علي أجهزة الدولة.
و من المهم أن نلاحظ ،خلافا لما هو شائعٌ ، أن هذه المجموعات ضمت أفرادا من مختلف مكونات البلد إثنيا و شرائحيا، ولا سيما الأخيرتان(3 و 4).
التهافــــــــــــــــــــــــت :
المُداراة.. ومال الدولة والترحال
إن حالة الترحال وتغيير الولاءات و(الميوعة ) ميزت مشهدنا السياسي منذ إنشاء (الدولة؟) الحديثة ، وهي ميراث أصيل لعهود(السيبة).. ففي أرض جرداء بلا موارد ،مفتوحة بلا بوابات ، سائبة بلا رادع أو سلطان، يكون اللوذ ( بالأقوي) ذي النفع المادي المطلوب و الضر الجسدي المرهوب،ضرورة حياة وخيارا بلا بديل، و لما حل الإستعمار رَحَّلْنا إليه نفس الولاء و بنفس “التقية” التي ميزتنا في عهودنا المتطاولة :”المداراة” و”التأويل” و” الإعتزال”.. وكما كان كل ذالك “المخزون” من المبرات ضروريا للحصول علي نصيب من “آمكبل” و”العطايا” والترشيح “للمجالس الإقليمية” في سان الويس(اندر) فبنفس العقلية والأسلوب ظل العمل جاريا للوصول إلي مقعد في إحدي الغرفتين ،قـبل استرضاء الناخب ، و بَعْدَهُ ، وظلَ الفوز بإحدي “الحسنيين” ضرورة “حياة” لا خيارا،كما كان الحال مع “الحاكم العام” وشيخ العامة” و”الأمير”…
ولَعَلَّ المرحلة التي حصل فيها الحدٌّ الأدني من الشفافية (بَرْهَنَتْ) بما لا يترك مجالاً للشك علي أن “سلطان” المال هو الخصم والحكم في أي استحقاق مهما بلغت شفافيته، والمال في بلد مثل بلدنا محصور في المالك الوحيد الذي هو”الدولة”،فلا غَنِيَّ إلاَّ وقد جاور خزينتها فترة من فترات “البقرة” الحلوب، في عهد من العهود. وهذا هو”ســـرُّ” التهافت ” و(تهافت التهافت) علي الوصول إلي “جنة” الحكم ” (ِبجَاِويًّا ) بكامل زينته ، أو ،علي الأقل ، (رديفا) علي” كفل” مريح …
وطالما أن الديمقراطية الشكلية قد أوصلتنا إلي المتاهة التي نعيش داخل نفقها المظلم ..ولأن الأمر لن يتغير إلا بتغيير شامل فليس أقل من أن نعيد قولبة (مشروع الدولة الحديثة) ليستجيب لمتطلبات البقاء و الرقي ،لأن البقاء بدون تقدم هو انتكاس لأساسيات الكيان…
السؤال الأســـــــــــــــاس: من نحـــن؟
اليوم والبلدان المحيطة بنا تشهد بلقنة لا سابقة لها، ومآسي و تمزقات تنذر بإغراقها في أتون حروب أهلية مهلكة؛ تمشي طبقتنا السياسية برشاقة علي وقع الإنتخابات و المناكفات والنكاية بعضها مع بعض وكأننا في سنة استحقاق استفتاء الكانتونات السويسرية، بينما يَسْرِي الماء الآسن تحت وسائدنا يحمل بذور الفتنة النتة و يفتح الجراح المفتوحة أصلا، من مواجع المظالم التاريخية إلي الآنية و يمزق جسم المجتمع بمختلف مكوناته .
إن إعادة التأسيس ضرورة وطنية كبري ولا سيما في بعدها الثقافي والحضاري المحدد للهوية الجامعة المانعة التي لا يجوز البتة التطاول عليها أو التشكيك فيها، ولتحقيق ذلك لا بُدَّ من التداعي إلي نقاش الأمور العالقة بدون ممنوعات ولا خجل ولا مواربة :
*إن في كل بلدان العالم تساكن بين أقليات و أكثريات عرقية و دينية، ولا يوجد في الأرض شعب من عرق واحد كما لا توجد دولة من جنس واحد، ولا وجود لعرق نقي في أي بقعة من الدنيا ولكن غيرنا تجاوز العقدة بحلها،لا بإخفائها:
* إن تعدد الثقافات عامل ثراء و حيوية لكن يجب أن يحدد و أن لا يأخذ غير حجمه
* إن الفئات الإجتماعية ظاهرة إنسانية وتشق كل الأعراق الموريتانية أفقيا بدون استثناء ويجب القضاء علي مظاهرها الظالمة بدون هوادة.
*إن لكل دولة في هذا العالم لغة رسمية يتعلمها الجميع و يعمل بها الجميع و يدافع عنها الجميع، وليس لأحد أن يكون مطية للغة أجنبية علي حساب لغته و بلده وشعبه.
* إن العدل أساس الحكم وأول العدل الحق في الثروة و تكافؤ الفرص في الكسب و التكسب
*إن العيش الكريم والحق في الصحة والتعليم هي المقدمة ألأولي للديموقراطية، لأن الجائع المريض الأمي لا حرية له مهما كانت شفافية الصندوق.
وعندما يبدأ التداول في كيفية الرد علي هذه الأسئلة سنكون قد قطعنا شوطا مهما في استيعاب متطلبات بقاء شعب أبي كريم مثخن بالجراح علي أرضه و نكون قد بدأنا طريق الألف ميــــــــل بالخــــــــــــطوة الأولي….
….