إثارة نقاش // لَمَّا ينطلق بعدُ رغم إلحاحه

يوليو 25, 2013 | تأملات وأفكار

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

 

    الثوابت القومية والمتغيرات: دعوة إلى الإجتهاد

 خريطة العالم العربي

يقوم الفكر القومي العربي في مدرستيه الناصرية و البعثية علي طرح واحد في جوهره وإن اختلفت الاولويات ترتيبا لا أهمية ، ولو أن ذلك أسال الكثير من الأقلام والألسنة لما كانت تتسم به المرحلة من حماس و”شخصانية “، و تتلخص في هدفين جوهريين وثالث “كمالي” أو “إجرائي” :

 الهدف الأكبر والأقدس :الوحدة :وهي كما يدل عليها اسمها تحقيق الوحدة الشاملة الناجزة بين الأقطار(الأقاليم) العربية والشعب الموجود فوقها استعادة لواقع كان قائما إلي ما قبل الإستعمار الأوروبي، وإقرارا لحقيقة الشعب العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي المنتمي إلي الحضارة العربية لغة و عاداتٍ و تقاليدَ وأنماطَ عيش و تفكير و طموحٍ ،ومنظومةَ أخلاق وسلوك و وحدةً وتواصلاً  فى الأرض و تكاملًا في الثروات وتنوعِها  وفرةً و نُدرةً، و هي المقومات التي لا تتوفر في كثير من البلدان الموحدة أصلا أو فصلا.

 

الهدف الآخر: الحرية بمعناها القائم “حصريا” آنذاك ،على التحرر من الإستعمار أي تحرير الأرض العربية من الغازي الأجنبي المحتل و خاصة الإستعمار الإستيطاني الصهيوني.

 

الهدف الكمالي أو الإجرائي : الإشتراكية ، وهو عند المدرستين ، خلافاً لمدرستيْه الأم الشيوعية و الجوريسية (نسبة إلى المفكر الفرنسي جان جوريس)،

* تحقيق العدالة الإجتماعية للطبقات المسحوقة من  الشعب العربي بالتوزيع العادل للثروة القومية على المواطنين وضمان  مجانية التعليم والصحة و التكافل الاجتماعي بما ففيه التفرغ للإبداع .

* المساواة بين مكونات المجتمع أفرادا و جماعات، دون مذهبية أو عرقية ،والعمل علي إذابة الفروق الإجتماعية سلميا ، تحقيقا للعدل وتفاديا للثارات العشائرية والانتقام العصبي،.

* احترام الملكية الفردية وحرية التكسب والرأسمال الوطني الذي لا يستغل ولا يحتكر بضمانة قيام قطاع عام قوي يشرف ويشارك في الصناعات الإستراتيجية الكبرى و يضمن جودة المنتج المصنع أو المستورد حفاظا على سلامة الناس وتطبيقا لمبادئ العدل. وقد أوجزها القائد المعلم  في جملة ذاعت عنوانا لمرحلة الانجازات العملاقة: إقامة مجتمع الكفاية و العدل.

وقد شكلت هذه المنظومة الفكريةُ المرجعيّةَ الإيديولوجيةَ لفصيلي القومية العربية منذ الأربعينيات ( البعث  ) و الخمسينيات ( الناصرية  )، و لقد جرت ، بعد هذا،مياهٌ  كثيرة  تحت  جسور النيل  و  دجلة  و بردى ،كان بعضها جارفا و البعض هادئا، و هبت عواصف هوجٌ في الصحارى العربية أطاحت بخيام و اقتلعت  بيوتا و نصبت أخبية” ما لبثت أن تحولت إلى قصور.. وتطاول هؤلاء في البنيان وأولئك في الهدم وأولاك في الردم ، وتضاعف عدد الأقطار بدل الوحدة وتشرذمت المدرسة الوحدوية في طبعات مذهبية و رُؤَي “فكرية” تتنابز بالنعوت و الألقاب المزرية ، واستفردت قوى الرجعية و الإستعمار بكل فِرْقٍ تلغمه وتلقمه إلى أن تحولت بوابات الثورة العربية إلى معابر للعبرانيين جهارا نهارا وأصبحت الخيانة العظمى  وُجهة نظر عليك أن تسمعها و تحترمها …فانجرفتْ قيادات و وُجوهٌ إلى حضيض الواقعية ” الوقوعية ” فى انهيار عربي لا قرار لهُ، و وجه الخطر أنه لا حدود لخيانة الطلائع  فهي زلزال قيَّمٍ، وانهيار عقيدة  وسقوط  أمة .. دَوِيُّهُ يصُمُّ الآذان عن الحق… و مفاعيله تبقى مُدَدًا متطاولةً، ويَصِمُ أزيزه المنكر ذاكرة الشعوب  و يسومها ذلّة وتخاذلاً و إحباطا و مداورة.

 

ولأن المطلوب رقم1 فترة التفكيك الكبرى(كامب ديفيد) ، كان بالدرجة الأولى التنظيمات الشعبية القومية و حركاتها السرية النائمة والنشطة ، فقد تكفلت بذ لك أقطار عربية تمويلاً، وغربية استخباريا، وتطوعت بعض الأنظمة المصنفة تقدمية نكاية بأصحاب فكر لم يقبل الذوبان والتحلل مدفوع الأجر ..

فما هي أسباب هذا الانهيار التنظيمي  الكبير؟

نظرا لضيق الوقت المتاح ولنوعية السامعين التي تجعل التلخيص ممكنا والإشارة كافية، فإن الأسباب متعددة ،سأتجاوز الخارجي و الخياني الداخلي منها لأنه من مفرداتنا اليومية، وسأقتصر على ما هو بنيوي إن تعلق الأمر بالدولة ـ النموذج ، وتنظيمي بالنسبة للحركات السياسية لاختلاف ظروف نشأتها و استمرارها من عدمه

1)الدولة/الانموذج  واحدة هي الجمهورية العربية المتحدة دولة كل الأشياء العظيمة غير القابلة للتكرار لاستثنائية كل ما فيها من قيادة المعلم جمال عبد الناصر إلى ضرورات ابتداع النموذج وهو ما حدث، وبقي صامدا إلى اليوم، ولأنه ليس فينا من عاشها أو عايشها لأنها كانت متفردة فكرا وعملا أصبحت مدرسة في كل مناحي الحياة بالإنجاز لا بالنظرية فقط..وكما كانت متميزة بكل المقاييس وبقدر عظمة إنجازاتها كانت فداحة أخطائها و استعداد أعدائها لتصيدها وتضخيمها.

2) الحركات وهي في معظمها سرية و بقدر ما كانت عظيمة الأثر في الصمود و النضال من أجل استمرار القضايا القومية وما يخدمها  كأهداف، فإنها كانت طاحونة ليلية لم تفرز قيادات فكرية تثري الاستمرار العقدي و تشحذ القناعات بالرد على الأسئلة التي تطرحها الممارسة وتخلق الاجتهاد الذي يمنع التكلس النظري وعبادة الفرد.

من هنا يكون عدم مواكبة الإجتهاد التنظيري لفترة ما بعد الدولة/النموذج خلق فراغا كبيرا في المنظومة العقدية الناصرية لا بسبب غياب الممارسة الثورية التي ما انقطعت يوما واحدا ولكن، كما أسلفت لطبيعة الممارسة السرية التي تمنع  ترف الكتابة عند البعض، ولكن لأن الأغلب غير مؤهل لذلك ، ولا سيما في النضال المدرسي، فما أحوجنا إلى أن يكتب مناضلونا تجاربهم في النضال المدرسي والجامعي بعد أن أصبحوا أساتذة وموظفين سامين،؟؟

من هنا نَصِل إلى المسألة الجوهرية المطلوب منا جميعا أن نسهم فيها وأن ننبذ عنا الخوف المغاربي الموروث من الابتداع والتشبث بالاتباع الدائم ( كما يقول فقيهنا: والاجتهاد في بلاد المغرب ::طارت به في الجو عنقا مغرب)، فلنناقش ترتيب الثوابت وحتى ضرورة بقاء بعضها من عدمه ، في نفس المكانة من الاهتمام:

*لا شك أن الوحدة أقنوم مقدس وجوهر “قلب” نضال الأمة الذي بصلاحه يصلح الجسد كله وبفساده يحدث العكس ..لكن.. هل هي شرط  البداية لتصحيح النهاية أم هي النهاية تتويجا لسلامة البداية .

*والحريـــة أهي فقط التحرر من الهيمنة وتحرير الأرض أم هي فضلا عن ذلك حرية الفرد التي تبدأ من حيث انتهت حرية الآخر ..لتلائم مقتضيات الحال ..ومنه الديمقراطية  الغربية التي تهب الشعوب أوهام التصرف وتعطي رأس المال حقيقة المُلك الفعلي وليس مجرد السلطة.

*أما الاشتراكية التي بدأ بعضنا، متهيبا من رياح الليبرالية الجارفة، يستعر منها ويبدلها بالعدالة الاجتماعية ،فهلا ناقشنا الموقف من جوهرها قبل الخوف من اسمها تبعا لاتجاه رياح الغالب، علما بأنها من صميم  المعتقد السياسي القومي عموما والناصري خصوصا.

 وأخيرا ماهي العلاقة بالدين السياسي أو السياسة الدينية  في هذا الجو المشحون بالمللية والمذهبية والدينية هل نستطيع أن نظل نمارس لعبة الميوعة التي طبعت بعضنا و أوصلتنا إلى المؤتمر القومي الإسلامي و تبويس اللحى وبقاء الخنجر ملفوفا تحت العباءة، ألا يستأهل ما يمور به الوطن العربي من أهوال أن نجيب على السؤال الجوهري مسبوقا بالتأكيد:

ــ بلى نحن مسلمون.. ولكن بفهمنا لرسالة الرحمة والسماحة والعدل والإيمان، ولنوضح للجميع تلك الرؤية التي أثبتت مع الأيام دقة فهمها للمتغيرات و تشبثها بالثوابت..

ودون أن نسعى فى هذه المقاربة إلى أي طرح مسبق ، ينافي الجدلية ويصادر الرأي الآخر أو يوجهه ،  فإننا من واقع التجربة نعرض بالنقد و التحليل للتجربة الناصرية من الداخل و الخارج العربي، وبدون محاباة أو مجاملة، مقتصرين علي المقدمات والمآلا ت مترفعين عن الفردية و المناكفات، هادفين إلى تجاوز الراهن والإرتقاء إلى مراحل متقدمة تسهم فى الإجابة على الأسئلة الكبرى وطنيا و عربيا وإسلاميا و إفريقيا… ليكون الهدف هو محاولة الرد على “سيد” الأسئلة السياسية: مــــــــا العمل؟( كما حدده المفكر الروسي لينين)..

 

 

    

 

تصفح أيضا :

الطِّيَّرَة

الطِّــيَّـــرة ________ (كتبتها يوم 29 ديسمبر2012 عن الرقم 13) من الثابت ، الذي أعجز المصلحين ـ منذ أن وجد هذا الكائن الغريب ذو الملامح والمحامل والملاحم و المحالم الفريدة ،وأهمها "العقل" ـ تشبُّثُه بفطرته وعودته إليها كلما دهمه خطرٌ يَع...جزُ عن مُغالبته، و هي فطرة...

التاريخ: من يكتبه؟

التاريخ .. من يكتبه؟ التاريخ هو هذا السجل الحافل بالأحداث الذي يظل الشغل الاول ل"لإنسان" والشاغل الأبدي للأفذاذ من بنيه، لا ينفك يمارس سطوته عليهم و يمارسون صناعته و روايته منذ وجدوا على هذا الكوكب العجيب ،وهم لمَّا يتجاوزوا المحكي إلى المنحوت و بعد أن تجاوزوهما إلى...

صباح نواكشوط

صباح نواكشـــوط....   بعد صلاة الصبح اليوم ، وجدتني أحمل نفسي من شمال عاصمتنا الدميمة إلى وسطها ، وكم كنتُ أود أن أتوجه إلى (قلبها) ولكن ما الحيلة إذا كانت ب(دونه)... كنت مدفوعا بشوق و فضول : أما الشوق فإلى تقاطع  ج ع الناصر و ج ف كينيدي غربا ...و تقاطع ج ع الناصر و ش...

بين الصعود و السقوط

بين الصعود و السقوط للكاتب الرائع في السياسة  و الأدب و الفكر  الوزير محمد ولدامين جُمل يلخص بها مواقف و حالات متشعبة بأسلوب شائق ، تمثِّلُ إحدى بصماته الفارقة ؛ وقفتُ أمام الأخيرة منها بإعجاب : "من المؤسف جدا ان يرى المرء نهاية مسرحية لرج...ل عظيم !بوتفليقة يستحق...

حاشية على تظاهراتنا

حاشية على تظاهراتنا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يوم ال15 من الجاري حضرتُ مبكرا ، ساعةَ قبل بقية المدعويين، الى قاعة انعقاد تأسيسية منتدى الشباب  للبناء والتنمية ، لسببين اثنين بلا ثالث : 1)شوق دفين إلى رؤية شباب منطلق متحمس...

من هو الشاعر؟؟

بهـــــــــــدوء ـــــــــــــــــــ   من هو الشـــــــــاعر؟؟؟؟ تبرز هذه الأيام مسألة مهمة طافيةً على سطح الأحداث ،على شكل مواقف حادة، كعادتنا فى استخدام اللونين القطعيّيْن، و الفسطاطين المتخاصمين أفقيا. والموضوع ، هذه المرة،عن الشاعر و ا...لحكم ,وموقف الأول من...

نقاش نازلة ترك النافلة ..

نقاش نازلة ترك النافلة .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دعيتُ مساء أمس لحضور ندوة حول قضايا فكرية من داخل الطرح القومي ، وثقةً بالداعي الأستاذ محمد سالم بن الداه استجبتُ ، ولأن المنوه عنه صديق في عالم التواصل الإفتراضي، وإن كنتُ قد لقيته ، لماماً، ثلاث  مراتٍ...