أَهــــــــــــــــــــجْرةٌ بعد الخمسيـــــــــــــن…. يا وطنـــــــــــــــــي !!!!

فبراير 13, 2013 | تأملات وأفكار

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

 

كان شديد الرقة و العذوبة عبقريا منذ أن أذن المرابط في مسمعيه يو م مولده في بيت عز من وسط هذه الأرض الطيبة، مرت سنوات دراسته كالبرق ، وعاد يحمل من المؤهلات ماتنوء به الجبال ومن الحماس للعطاء ما تنهد أمامه.فتلقفه اثنان يمتلكان زمام المبادرة في كل أرض لا هاديَّ لها : الحاسدُ والوَاشي، فما استطاع أن يبرح مكان تصنيفه في الوظيفة العمومية…

..فهـاجر..بعد سانحة، أهتبلتُها ورَشَّحتُهُ لها بإذنِ شيخنا،و من المنظمات الدولية العفنة المافيوية، حيثُ تعرض لكيد الأقربين(نعم هناك أيضاً) ، وكنتُ قد عُزلتُ عن التأثير،جـرَّ حقيبته إلي الجامعات المحدثة ، وعوالم محدثي النعمة ، هذه المرة عاتبته فقال بلسانه الذرب الذي لا يوفرني عندما نكون في نجوي اثنين :

 هل تريد مني أن أقبل حالتك؟ يقاتلونك في قوت عيالك ويحاربونك في قناعاتك وتصبر، أنا لست سياسيا، و قصيدتك رحيل مواسم الفرح لن أشهد علي مثل ألمها ، يكفيني أنك تتألم ،ولا أستطيع فعل شيء، وتابع ضاحكا.. سأقوم بدوري.. سأقرأ عنك هناك…و حزم حقائبه..

 في آخر لقاء ،و قد شرقنا بالدموع ،قال لي  :صويحبي عندك معارف ومعجبون هناك ،تعال نهاجر مع بعض…نؤنس غربة بعضنا البعض ..لا مقام لك  هنا..

كانت الساعة التاسعة والنصف من ليل مغادرته، أنزلته في الحي الشعبي المكتظ المعتم حيث بيت أهله و تعانقنا طويلا، قبل أن أعود إلي حي أكثر منه اكتظاظا..وقال  :                                                                                                                          فكر فالشباب ذاهب و العمر قليل أنتظر منك جوابا…

لم أكن لفرط حبي له أظنه خطا ب مُوَّدِّعٍ، إلي أن وصل النعي ؛ و لم أستوعب الدرس بعد ذالك، فاكتفيت بمضغ الحسرة عليه والصبر علي الرزء الجلل الذي أصابني و البلد بفقده .

وتمر الأيام حُبْلي تَلدُ كل عجيب ونتلهي رغم همومنا بموالدها ومواليدها، و العمرُ يسيلُ بين أصابعنا، ولا نُحسُّ إلا بما كان من مشيب و بقع و ندوب علي أجسادنا،ففي الرضوض و الكدمات و الجراح الغائرة التي تثخن جسم الوطن ما يكفي المصابين بفيروس الوطنية و الثوابت و ما شاكلهما من موانع النوم ومكدرات المتعة و الثروة؛ويشغل عن التفكير في النفس و النفيس …

صحيح أن اقتناء الثروة في هذا البلد، بأي ثمن، و بأية وسيلة أغري الكثيرين ، وجعل العديد من أصحاب المباد ئ و القيم يتلطخون بتلوث الكسب الحرام، و يصلون إلي درك العفونة، ولكن المجتمع كان لهم من الشاكرين،ولنا من اللائمين، إذ أضحتْ قيمةُ المال مقياسَ الوجاهة و الوسيلة الأنجع للإقناع ..و انتشرَ التطبيع مع كل شيء، ولأَيِّ شيء و مُقابل كل شيء:من التطبيع مع الصهيونية إلي الزبونية و الرشوة و اختلاس المال العام و.. حتي الخاص،وانفلت الناس من كل القيود والضوابط ، وبَدَتْ حُمَّي الكسب و رجفتها والتياع و لُهاث المصاب بها وهذيانه بكل ما يلقن له، و ظهرت أشكال و ألوان من الميوعة و التحلل من أي رادع و بدلت الأرض غير الأرض ، وأصبحتْ موريتانيا فسطاطين : فسطاط المترفين إلي حدد التخمة من جميع الفئات و العناصروهم حفنة المنتفعين من كل العهود وسمتهم البارزة التوادد و التعاضد بينهم ، وفسطاط المعوزين إلي حدود الإملاق، من كل فئة وعنصر،وسمتهم البارزة خنوع العامة وحركية الطليعة من الفئة المتعلمة و العاملة وهم ال99بالمئة من الشعب الموريتاني الذين يشكلون بحرا هائما هادئا هاربا من الهيجان …إلي حين.

صحيح،كذلك، أن بين أصحاب المبادئ، وهم قلة، أفرادا،غرفوا من ثروات خارج الحدود، ودخلوا سجل الأملاك العقارية ،والثروة الحيوانية ، والحفلات الترفيهية، لكن الأكثرية الساحقة ظلت وفية لما هو في صميم إيمانها ، وهي التي دفعت الثمن الأول بالتوقيف و الطرد والسجون والإعتقالات…

 وستبلغ التراجيديا ذروتها ، لأن هذه الأكثرية النخبوية ، بفعل عامل السن، ستدفع ، خلال الخمس سنوات القادمة، آخر سلفة من عمرها عجزا ومرضا و شيخوخة وتقاعدا مبكرا في وطن يتنازل عن أبنائه في مقتبل العمر و الإقتدار الجسمي و العقلي و المعرفي، فكيف لا يتجاهلهم وهم في طور الشيخوخة والإنحدار…

تلك من غرائب وطــن يموت في كل يوم مائة مرة ، و طلائعه تشيخ وهي تحمل أحلامها إلي المدافن..شيبا و شبابا…

… قمة المأساة/ الملهاة أن تهجُر و طنك ,و تُهاجرعنه بعد الخمسين بحثا عن كأس كرامة ولقمة عيش نظيفة و ساعة اعتراف بقدرات يعلمها القاصي والداني ، ولحظة عرفان بالجميل…

إن وطنا لا يحفظ إلّاًّ و لا ذمةً، لبنيه ،ليس وطنا ، بلْ ليس جُحْرَ ضبٍّ و لا تامورة ضبع ولا عُش طائر.. فهولاء  يُحسون في أماكنهم بالأمان…

   

تصفح أيضا :

الطِّيَّرَة

الطِّــيَّـــرة ________ (كتبتها يوم 29 ديسمبر2012 عن الرقم 13) من الثابت ، الذي أعجز المصلحين ـ منذ أن وجد هذا الكائن الغريب ذو الملامح والمحامل والملاحم و المحالم الفريدة ،وأهمها "العقل" ـ تشبُّثُه بفطرته وعودته إليها كلما دهمه خطرٌ يَع...جزُ عن مُغالبته، و هي فطرة...

التاريخ: من يكتبه؟

التاريخ .. من يكتبه؟ التاريخ هو هذا السجل الحافل بالأحداث الذي يظل الشغل الاول ل"لإنسان" والشاغل الأبدي للأفذاذ من بنيه، لا ينفك يمارس سطوته عليهم و يمارسون صناعته و روايته منذ وجدوا على هذا الكوكب العجيب ،وهم لمَّا يتجاوزوا المحكي إلى المنحوت و بعد أن تجاوزوهما إلى...

صباح نواكشوط

صباح نواكشـــوط....   بعد صلاة الصبح اليوم ، وجدتني أحمل نفسي من شمال عاصمتنا الدميمة إلى وسطها ، وكم كنتُ أود أن أتوجه إلى (قلبها) ولكن ما الحيلة إذا كانت ب(دونه)... كنت مدفوعا بشوق و فضول : أما الشوق فإلى تقاطع  ج ع الناصر و ج ف كينيدي غربا ...و تقاطع ج ع الناصر و ش...

بين الصعود و السقوط

بين الصعود و السقوط للكاتب الرائع في السياسة  و الأدب و الفكر  الوزير محمد ولدامين جُمل يلخص بها مواقف و حالات متشعبة بأسلوب شائق ، تمثِّلُ إحدى بصماته الفارقة ؛ وقفتُ أمام الأخيرة منها بإعجاب : "من المؤسف جدا ان يرى المرء نهاية مسرحية لرج...ل عظيم !بوتفليقة يستحق...

حاشية على تظاهراتنا

حاشية على تظاهراتنا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يوم ال15 من الجاري حضرتُ مبكرا ، ساعةَ قبل بقية المدعويين، الى قاعة انعقاد تأسيسية منتدى الشباب  للبناء والتنمية ، لسببين اثنين بلا ثالث : 1)شوق دفين إلى رؤية شباب منطلق متحمس...

من هو الشاعر؟؟

بهـــــــــــدوء ـــــــــــــــــــ   من هو الشـــــــــاعر؟؟؟؟ تبرز هذه الأيام مسألة مهمة طافيةً على سطح الأحداث ،على شكل مواقف حادة، كعادتنا فى استخدام اللونين القطعيّيْن، و الفسطاطين المتخاصمين أفقيا. والموضوع ، هذه المرة،عن الشاعر و ا...لحكم ,وموقف الأول من...

نقاش نازلة ترك النافلة ..

نقاش نازلة ترك النافلة .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دعيتُ مساء أمس لحضور ندوة حول قضايا فكرية من داخل الطرح القومي ، وثقةً بالداعي الأستاذ محمد سالم بن الداه استجبتُ ، ولأن المنوه عنه صديق في عالم التواصل الإفتراضي، وإن كنتُ قد لقيته ، لماماً، ثلاث  مراتٍ...