الشرائح و المظالم… الوزر و الوازرة

نوفمبر 22, 2014 | مقالات

ناجي محمد الإمام

شاعر وكاتب وأديب نهضوي عربي , اشتهر بلقب “متنبي موريتانيا” نهاية الثمانين .. وقد شغل العديد من المناصب السياسية والإدارية و المهام العربية والدولية، في كثير من المسؤسسات الرسمية المحلية والدولية..كتب عنه عدد وفير من الدراسات في شكل رسائل وأطروحات جامعية، أومقالات في الدوريات الوطنية والعربية.
بالإضافة إلى عمله كرئيس لـمجلس أمناء جمعية الضاد للإبداع ونشر اللغة العربية و الدفاع عنها ، شغل ناجي إمام منصب رئيس المجلس الأعلى لإتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين…

آخر المقالات

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

في عين العاصفة
ــــــــــــــــــــــــــــ
الشرائح و المظالم …الوزر و الوازرة

طيلة السنوات الفارطة كتبت في هذا الموضوع ،و رفعت ستار “الممنوع” عنه و تناولته من وجهتين: الأولى ذكر الحقائق والثانية إنصاف الفئة ،كل فئة من منظور متعدد الزوايا والاركان باعتباره موقفا صارما إلى جانب الحق والحق فقط ، وقد كانت ردود الفعل على تلك المقاربات من بعض الفئات المعنية في غاية الجودة والتجاوب ،بينما قابلها البعض بالصمت المطبق ، ولاسيما من المثقفين الجدد، ربما لأن أغلبهم ـ للأسف ــ يتحاشى المطبات و يعتبرُ المغنم أولى…

ولكنني اليوم سأبسط موقفي من التحرك الفئوي ….

في كل مجتمعات الدنيا من بني الإنسان شرائح و طبقات و تراتبية ، وترتيب الناس على ما سوى الجدارة في عمل الخير والعلم و التقوى فعل ظالم ومُجَرَّم بالفطرة الإنسانية السليمة ، ومناقض لحقائق الأشياء و طبيعتها .

وقد جاءت الشرائع السماوية كلُّها، والثورات الأرضية جلُّها ،لإزالة الظلم و إحقاق حقوق المستضعفين بالحرية والإنعتاق من كافة المظالم الجسدية والمعنوية الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية .

وموريتانيا ــ كغيرها ــ من دول العالم و مجتمعاته عرفتْ الظلم والغبن و التمييز على أساس المحتد تارة ، والقوة أخرى ، وتأخرت هذه الممارسات الظالمة فيها إلى ما بعد دولة الإستقلال ـ برغم الترسانة التشريعية من دستور وقوانين وأحكام ـ نتيجة للتخلف الفكري و العلمي والتقني وانغلاق المجتمع عن التأثيرات الخارجية.

ومع تنامي الممارسة السياسية المؤدلجة ظهرت حركات انعتاقية كبرى كان لها كبير الأثر في نشر الوعي التحرري و النضال الحقوقي ،بجدارة، تدفعها الوطنية الحقة والشعور بالآخر الشريك في الوطن و تحملت قضيته كقضية وطنية إنسانية عادلة ،بعيداً عن أي تعصب فئوي أو شرائحي أو طبقي…

لكن تحويل قضايا المظالم الفئوية إلى حالة عنصرية و عصبية جديدة وعزلها عن بقية الفئات المهمشة المظلومة الأخرى،بغية خلق مكون إتني جديد ، هي دعوة مرفوضة لأنها تهدم كيانا واحدا وتخترقه أفقيا لتمزقه رغم أنه موحد لغة وعادات و تقاليد و أنماط سلوك ومنظومة قيم و آدابا و فنونا و مرويات و أحاجي ومذهبا و تاريخا وانتماءات قبلية..

ولأن الإنتماء لا يحصل باللون و لا بالطبقة و لابتماثل المعاناة ، لأنها حالات متبدلة بتغير الوضع المادي و العلمي لصاحبها ، فإن المراهنة عليها خاسرة بشواهد التاريخ حديثه و قديمه.

صحيح أن التعبئة على كراهية الشريك في الوطن والدين وتحميله مظالم من موروثات طبائع المجتمعات القديمة، و شحن النفوس بالحقد و الأوهام المريضة ،قد يولد انفجارات تسبب مآسي و تُجدِّدُ مظالم أخطر وقد تستبدل ظالما بظالم جديد وتورث أحقادا مستجدة وتهيئ لدوامة من الإنتقام والإنتقام المضاد أشدّ فتكا و أخطر أثراً من تلك التي كانت في حكم المنتهية بحتمية انتفاء ظروفها الموضوعية. و ستخمد الإنفجارات ،حتماً، وستقوي اللحمة و تنصهر الوحدة في بوتقة تزيدها صلابة ، وكذلك المعدن النفيس ، بعد انطفاء الحريق و هلاك مُسببيه . ذلك هو الدرس المستفاد من تاريخ مآسي الشعوب بعدما يفنى مشعلوا الحرائق في أتون ما جنت أيديهم.

عندها سيتضح للناس أن الهدَف لم يكن عتقا و لا عدلا لفئة و إنما هو زعزعة وحدة المكون الأساس للشعب الموريتاني أي الكتلة الصلبة الناطقة بلغة القرآن الكريم ودقِّ إسفين من الكراهية بين شرائحها و فئاتها .

وإلا فلماذا لا يشمل الحراك الأرقاء الحاليين و الحدادين و الأقنان و الصيادين و مزارعي السخرة و القوالين من القوميات الأخرى التي من بينها من يفرق بين الفئات في الحياة وفي الموت و العبادات ؟ أم أن لعبة وحدة اللون هنا تسمح بما لا يسمح به اختلافه؟

من هنا و تأسيسا عليه ، فإننا ،و قد مارسنا النضال منذ الحلم من أجل حلم واحد لكنه عريض هو تحقيق الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة و التكافل الاجتماعي الذي يضمن حق المواطن في العمل و العلم و الصحة و الفرح ؛ دون فئوية أو تراتبية أو تسلط ، في إطار الوحدة الوطنية الشاملة العادلة الجامعة للشعب الموريتاني التي تصون هويته الحضارية الجامعة الضامنة لحق كل مكون في تميزه الذي يحفظ له ذاته دون نقص أو طغيان ، نؤكد على :
* أن رفع ما تقدم من الحيف التاريخي اللاحق بكافة الفئات قديما :من أرقاء سابقين ومعلمين وحمريين و لحمة ومرابطيين و إيمراقن و نمادي و خدام تأبير.. وما تأخّر: كوضع فقراء أحياء الصفيح و سكان الارياف و عمال المياومة و الكفاءات المعطلة ليس برنامج مرشح و لا خيار حزب و لا مكاسب معارضة…
*و مطالبة الدولة باستعمال كافة أدوات الفعل الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي و الديني في مسار مقصده الأسمى رفع الظلم من غير انتقاء و لا إقصاء ليست استجداء فضل حاكم ولا مبرة من مُحسن.. و إنما هي مطالب شعب و حقوق مواطنين لا مساومة فيها و لا تنازل عنها .

* و ان الأخطار المحدقة بالبلاد داخليا و خارجيا تتطلب موقفا غير قابل للتأجيل والشعب الموريتاني وحده هو القادر على اتخاذه والدفاع عنه ..
و على من يجد في نفسه الأهلية للتجاوب مع آمال و آلام شعبه أن يهيئ ــ على وجه الاستعجال الذي لايتنافى مع الرويةــ مؤتمر وحدة وطنية تأسيسيا لا يستثني أحدا و لايحجر على رأي إلا بكتاب .

و بنفس الإلحاح على الطلائع المستنيرة من كافة مكونات الوطن والمجتمع أحزابا و منظمات و أسماء مرجعية ،ممارسة دورها لإنجاز مطالب الجماهير المظلومة صاحبة الحق الحصري في إرادتها و صنع غدها الوضاء…

* وبعدُ…فإن أخطر ما يواجه البلد هو غياب المنظومة السياسية و الأخلاقية التي تنظم مجال الخلاف و قواعد الاختلاف ،و تحدد الثوابت التي لا يجوز المساس بها باعتبارها جوهر الكيان الوطني المقدس ، وتلك ، منوطة ،شرطيا، بالهيئة الناظمة المؤتمنة المُهابة المَهيبة بالعدل و الصدق و الوازع الديني و الحس الوطني و اليقين بما بعد الموت. 

حمى الله شعب موريتانيا من كل مكروه

تصفح أيضا :

البطن الرخو..

الساحل:أزواد ، أمس..القاعدة اليوم، وغدا؟ ـــــ1من 2ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مـــوريتـانيـا:البطنُ الرِّخْوُعاملُ قـُوَّة إذا أُحْسِنَ توظيفُه لم يعد طرح الأسئلة الآنية ذات المفعول المؤقت ،ذا معنى، فقد اتضحت مجريات الأمور، لمن ألقى السمع...

إنهم قيادة العالم ولكنهم لا يستحقونها

                                          إنهم قيادة العالم ...ولكنهم لا يستحقونها                                                        ( الحلقة 2 من   4 )   إن إقرار و استقرار الحقيقتيْن المذكورتين في الحلقة الأولى الناجم عن ثبات مفعولهما المدمر على ما سوى الغرب...

الصمت خيانة

  الصمتُ خيَّانــــــــــــة....   منذ فترة توقفت عن محاولة فهم ما يجري في بلادي ،و سلمتُ بقصوري الذهني عن إدراك مسببات ما يُفعلُ و ما يُقال ،و ما يُتَدَبَّرُ به، وما يدبر له. وأسندتُ ظهري إلى"اللاشيء"..ورغم أن "ا لعدمية" مدرسة سلبية ،فإن موجبها الوحيدَ أنها "تريحك"...

بوركينا فاسو: عندما ينتقم التاريخ

  بوركينا فاســــو عندما ينتقم التاريخ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من منا ، نحن جيل اليسار الأممي نهاية الثمانينيات ،لم يحلم بفجر إفريقي سعيد، مع الثوري الإفريقي توماس سنكاره ،جميل الطلعة ،مثير الزوابع في نادي "فرانسافريك" الإستعماري العريق في القارة...

السنغال… دولةٌ 1/2

  السنغال... دولةٌ   _________1/2 صحيح أن ملك التكرور "وار جابي" اعتنق الإسلام باقتناع حر ذاتي دون قهر أو إكراه و هو في أوج سلطته سنة1030م لتتم الوحدة الاسلامية الأولى بالضفتين بين حركة المرابطين ومملكة التكرور سنة1060 . و صحيح أن الملك الفقيه خالي أعمر فال أسس...

السنغال..دولةٌ 2/2

2 من2   أوائل الثمانينيات كنت كما تلخصه الصورة المرفقة في ريعان الشباب الذي تجاوز الميعة ، إن كان عرفها، قومي عروبي إفريقي نكرومي القناعة، في ثوب إنساني يساري حاد التقاسيم (ولن أبرحها) وكنا ـ ذاك الزمن ـ نكاد نلمس بأخيلتنا الملونة المستقبلَ الوضاء للبشرية في...

السنغال …دولةٌ 1من2

_________1/2 صحيح أن ملك التكرور "وار جابي" اعتنق الإسلام باقتناع حر ذاتي دون قهر أو إكراه و هو في أوج سلطته سنة1030م لتتم الوحدة الاسلامية الأولى بالضفتين بين حركة المرابطين ومملكة التكرور سنة1060 ، و صحيح أن الملك الفقيه خالي أعمر فال أسس جامعة العلوم الاسلامية...